هبة الله الادارة
نقاط : 13559
| موضوع: الاسلام والاديان السماويه الاخرى الخميس أبريل 02, 2009 1:48 pm | |
| | |
|
هبة الله الادارة
نقاط : 13559
| موضوع: رد: الاسلام والاديان السماويه الاخرى الخميس أبريل 02, 2009 1:49 pm | |
| التعايش وليس التواحد
إن الحقيقة التى لا مناص من الاعتراف بها هى وجود الاختلاف فى المعتقدات بين الناس وهو من سنة الله حيث قال سبحانه وتعالى( لكل جعلنا منكم شرعا ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة الله تعالى: (لكم دينكم ولى دين) وهذا الاختلاف فى المعتقدات لا يمانع التسامح والتعايش بين الأديان طالما أن الأديان نفسها نادت بهما، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المشرع للدين عاشر أهل الكتاب وتعامل معهم بالحسنى، وأن السيرة النبوية خير دليل على ذلك، فقد روى أبو عبيد (فى الأموال) عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود فهى تجرى عليهم . وروى البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد يهودياً وعرض عليه الإسلام فأسلم. وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم الهدايا من غير المسلمين واستعان فى سلمه وحربه بغير المسلمين حيث ضمن ولاءهم لهم ولم يخش منهم شراً ولا كيداً. ومرت عليه جنازة فقام صلى الله عليه وسلم لها واقفاً فقيل له إنها جنازة يهودى ، فقال عليه الصلاة والسلام: "أليست نفسا؟ " وتتجلى هذه السماحة كذلك فى معاملة الصحابة والتابعين لغير المسلمين، كما تتجلى كذلك فى مواقف كثير من الأئمة والفقهاء فى الدفاع عن أهل الذمة واعتبار أعراضهم وحرماتهم كحرمات المسلمين.
ولم تنحصر العلاقات الحسنة بين المسلمين وبين العالم الغربى فى مجال الفكر فحسب بل تعايش أهل الأديان الثلاثة من المسلمين والمسيحيين واليهود فى أمن وسلام فى ظل السلطات الإسلامية الحكيمة التى تظللها المبادئ الإسلامية السمحة فى كل من الأندلس والقدس واسطنبول على امتداد قرون طويلة. فعندما فتح محمد الفاتح اسطنبول عام 1453 م وقضى على السلطة البيزنطية فيها أمن للرعية المسيحية كامل حقوقهم وحرياتهم فى جو يسوده التسامح والتعاطف مع مراعاة سياسة الاستيطان فى اسطنبول لباقى الجماعات المسيحية الأخرى الذين يعتنقون مذاهب مختلفة. ولقد كانت الدولة الأموية فى الأندلس تنافس الدولة العباسية المسيطرة على أكثر البلاد الإسلامية، إلا أن العلاقات التجارية والثقافية لم تنقطع بينهما بل تطورت تطوراً كبيراً مما أدى إلى تنشيط حركة الحياة والتقدم فى شتى أوجه الحياة. وقد اعتاد أهل أسبانيا وصقلية على التمسك بالحضارة الإسلامية فى مختلف مظاهرها.
وفى اعتقادنا أنه لا توجد ثمة معوقات تمنع ملاءمة الفكر الإسلامى لطبيعة المجتمعات البشرية، لا سيما الغربية منها مادامت تسير فى طريق الحضارة الحقيقية البناءة فى خدمة البشرية ومن أجل سعادة الإنسان ذاته من الناحيتين المادية و الروحية، فالإسلام دين يتمتع بالوسطية والاتزان والموضوعية مما أكسبته قدرة هائلة على تكيف البشرية مع أحكامه وتعاليمه وقواعده بسهولة ويسر، والأدلة كثيرة عبر تاريخ الإسلام نفسه فقد ذاقت شعوب البلدان التى فتحها المسلمون طعم الطمأنينة والسعادة بتكيفها مع الحضارة الإسلامية، وحققت به تقدماً علمياً ورقياً حضارياً سجلهما التاريخ بكل فخر واعتزاز.
إن الإسلام يوجه جل اهتمامه إلى إنسانية الإنسان، فهى قاعدة ارتكاز ينطلق منها الإسلام انطلاقه الحضارى منذ البداية. وإذا قمنا بتحليل موضوعى عبر وقائع التاريخ وأحداثه- إلى جانب ما فى الإسلام من أحكام وتشريعات- نجد أن الإسلام قدم منهجا يعرف الإنسان كيف يرقى بإنسانيته بفضل التقوى، وبفضل منهج التحلى بالقيم والمثل العليا. ونحن نرى أيضاً القدوة فى السلوك الأمثل للمسلم فى العصر النبوى، كذلك فى فترات تلت ذلك العصر الخالد.
إن أساس المسيرة الحضارية للإسلام كان ولا يزال رقى الإنسان واحترام إنسانيته قبل أى شىء آخر حتى ولو كان ذلك الإنسان غير مسلم. فحضارة الإسلام هى حضارة إنسانية بكل معنى الكلمة فى نطاق منهجه المثالى، فهى حضارة تحقق للإنسان العزة والكرامة، وتحفظ له كافة حقوقه المادية منها والمعنوية فى إطار احترام العتيدة الإسلامية التى هى ركيزة منهاج الإسلام فى مسيرته الحضارية.
يعيش بين المسلمين فى معظم البلاد الإسلامية فئات كثيرة من معتنقى الأديان الأخرى، ويمارسون شعائرهم الدينية بكل أمن واطمئنان.
| |
|