عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ"، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ"، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: "وَاثْنَتَيْنِ"، فَقَالَ: "وَاثْنَتَيْنِ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ.
* رواهـ الـبـخـاري.
-----------------------
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (فَاجْعَلْ لَنَا): أَيْ: عَيِّنْ لَنَا، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْجَعْلِ لِأَنَّهُ لَازِمه.
قَوْله: (وَأَمَرَهُنَّ): أَيْ: بِالصَّدَقَةِ، أَوْ حَذَفَ الْمَأْمُور بِهِ لِإِرَادَةِ التَّعْمِيم.
قَوْله: (إِلَّا كَانَ لَهَا): أَيْ: التَّقْدِيم.
قَوْله: (حِجَابًا): أَيْ: حَصَلَ لَهَا حِجَاب.
قَوْله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن بَشَّار): أَفَادَ بِهَذَا الْإِسْنَاد فَائِدَتَيْنِ ولعل أهمها:
زِيَادَة طَرِيق أَبِي هُرَيْرَة الَّتِي زَادَ فِيهَا التَّقْيِيد بِعَدَمِ بُلُوغ الْحِنْث: أَيْ: الْإِثْم.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ مَاتُوا قَبْل أَنْ يَبْلُغُوا، لِأَنَّ الْإِثْم إِنَّمَا يُكْتَب بَعْد الْبُلُوغ، وَكَأَنَّ السِّرّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْسَب إِلَيْهِمْ إِذْ ذَاكَ عُقُوق فَيَكُون الْحُزْن عَلَيْهِمْ أَشَدّ.
وَفِي الْحَدِيث:
مَا كَانَ عَلَيْهِ نِسَاء الصَّحَابَة مِنْ الْحِرْص عَلَى تَعْلِيم أُمُور الدِّين، وَفِيهِ جَوَاز الْوَعْد، وَأَنَّ أَطْفَال الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّة، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدَانِ حَجَبَاهُ مِنْ النَّار، وَلَا اِخْتِصَاص لِذَلِكَ بِالنِّسَاءِ.