السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحضانة مؤسسة تربوية اجتماعية هامة في حياة الأطفال ، خاصة أطفال الأمهات العاملات ، فالحضانة ليست فقط مجرد مكان لإيواء الطفل فترة من الزمن تقضي خلالها الأم أعمالها ، إنما هي مؤسسة تربوية أثبتت الدراسات التربوية أهميتها في تعزيز الكثير من الصفات المهمة في شخصية الطفل كالتمتع
بالاستقلالية .و ينصح المتخصصون التربويون بوضع الطفل في الحضانة بعد سن ثلاث سنوات ، فطفلك بحاجة لرعايتك خلال الثلاث سنوات الأولى من عمره ، بالفطرة يحتاج إلى رعايتك و محبتك و حنان صدرك و دفء قلبك ، لذلك أوصى الله عز و جل الأمهات أن يفطمن أطفالهن بعد بلوغهم عامين ؛ لأنهم يكونون في أمس الحاجة لقربهم و تواجدهم المستمر بين أحضان أمهاتهم ، فتلبية احتياجاتهم النفسية من الرعاية والحب في هذا العمر تساعدهم مستقبلا على النمو بشكل طبيعي .بعد عامين يبدأ الطفل بتعلم الكلمات ، والتمتع بالقدرة الحركية التي تساعده على المشي ، والتي تعد جزءا هاما من نمو الطفل ، كما أنها تساعده على الاكتشاف والبحث عن معرفة حقيقة محيطه البيئي ... في التعرف على ما هو سخن و ما هو بارد ، ما هو صلب و ما هو مرن ... و هكذا ، إلى أن يصل لسن الثالثة التي فيها يستطيع أن ينضم إلى مجموعة من الأقران ، و يبدأ أولى خطوات الاستقلالية عن الأم والأسرة والتي غالبا ما تتسم بالصعوبة في بدايتها ، والحضانة تساعد على اجتياز تلك الخطوات .
عزيزتي الأم :للحضانة دور هام في حياة الطفل ، و لكن إذا كان بوسع الأم رعاية طفلها والاستغناء عن الحضانة ، و لديها القدرة والرغبة في رعاية طفلها ، و هذه الرعاية تشكل لها تحقيقا للذات كالعمل خارج المنزل ، فيفضل أن تفعل هذا ، خاصة في سنوات الطفل الأولى "من الميلاد إلى ثلاث سنوات" ، فرعايتك في هذه السن مهم للغاية ... لشخصية الابن ولنموه السليم .
لذلك أنصحك و أنصح كل الأمهات بالاستغناء عن الحضانة في سنوات أطفالهن الأولى ، و أن يقمن برعاية أطفالهن بأنفسهن ، و أن يؤجل الالتحاق بالحضانة إلى ما بعد الثلاث سنوات ، فدور الحضانة تعليمي تربوي اجتماعي كالمدرسة ، لذلك ممكن الاستغناء عنها إذا لم تكن الأم عاملة أو بقدرتها الاستغناء عن العمل من أجل رعاية أفضل لطفلها .
و لكن في حالة أنك أم عاملة أو ترغبين في العمل ، فعليك اختيار حضانة مناسبة وفق الشروط التي سأناقشك فيها الآن :ـ اختاري حضانة لطفلك تتمتع بمكان جميل و مناسب للطفل ، تكون تهويته جيدة ، و يكون واسعا و نظيفا ، و أن تكون غرف الدراسة فيها متسعة مناسبة لعدد الأطفال ، و ساحة اللعب والألعاب المتوفرة فيها عنصر الأمان ، و لا بد أن تلاحظي اهتمام الحضانة بالأشجار والورود ، فالطبيعة هامة جدا لتكوين الطفل النفسي والاجتماعي ، فلكل منطقة العديد من الحضانات ، فحاولي زيارة كل منها واختاري الأفضل لطفلك .ـ صاحب الحضانة : "شخص مهم جدا" ، لذلك اختاري الحضانة التي يتمتع صاحبها أو المسئول فيها بالخبرة في مجال التربية ، واسألي دائما عن الخدمات والأنشطة التي تقدمها الحضانة للطفل من خلال الاطلاع على تلك المعلومات تستطيعي أن تقرري ... هل هذه الحضانة تناسب طفلك أم لا .ـ المعلمة : كل حضانة تهتم بأن تضم مجموعة من المعلمات والمربيات ذوات الكفاءة ، اختاري لطفلك حضانة تهتم بمستوى تعليم معلماتها و بنمو خبرتهن في مجال تربية الطفل ، و هذا يتضح من تعاملك مع المربيات ، و من سمعة الحضانة و خبرة العاملين فيها .ـ مستوى النظافة : من أهم العوامل التي تساعد طفلك على النمو السليم في الحضانة ، و كما يقول المثل "الجواب يظهر من عنوانه" أي أن الحضانة لو كانت نظيفة يتضح من دخولك لها ، و عليك ملاحظة كل شيء ... مكان تحضير وجبات طفلك ، المكان الذي ينام فيه ، و هكذا فمستوى النظافة يشكل عاملا هاما في اختيار الحضانة .
ـ الرعاية الطبية : اختاري الحضانة التي تهتم بتوفير الرعاية الطبية بوجود متخصص في طب الأطفال ضمن كادرها العامل ، فالحضانة التي تهتم بذلك بالتأكيد طفلك في أمان بين أرجائها .أختي :الحضانة دورها مكمل لدور المدرسة ، و لكنها تختلف في أنها أكثر رعاية لطفلك من الناحية النفسية والجسدية من المدرسة التي تهتم أكثر بالناحية الاجتماعية والتعليمية لطفلك ، و هي تعلم الطفل الاستقلالية والبعد عن تبعية الأم التي اعتمد عليها في سنواته الماضية ، و تهتم الحضانة بتوفير العديد من الأنشطة التي تعتمد على اللعب ، واللعب مهم في حياة طفلك ، فهو يساعد على النمو النفسي والاجتماعي بشكل كبير ، والأطفال عادة يحبون التعلم من خلال اللعب أكثر من أي أسلوب آخر في التعلم ، و في الحضانة يلتقي طفلك بأطفال آخرين من عمره فيلهو و يلعب و يتعلم معهم ، و هذا يساعده على أن يكون شخصية اجتماعية .
و أخيرا ... فالحضانة لطفل الثالثة عبارة عن مرحلة تمهيدية للمدرسة ، بل تعتبر مهمة حتى لا يصدم الطفل بالبعد عن أسرته مرة واحدة ، فكلما تعود في سن أصغر من السادسة كان أفضل له ؛ لأن الأمر سيفيده عندما يقترب من سن دخول المدرسة ، فسيكون قد تهيأ لدخولها بدون مشاكل نفسية بسبب البعد عن الأم أو الأسرة .