استثمار الوقت مسألة بسيطة ولكن نتائجها غير طبيعية وهي ذات طابع فجائي لمن يقوم بالاستثمار , فالمستثمر المالي مثلا يستثمرُ أرصدته النقدية والعقارية وبالنهاية تجلبُ عليه أرباحا طائلة , ولكن لم يفكر أحد مثلا باستثمار أوقات الفراغ .
فالفراغ هذا قاتل جدا وإذا صاحبه لم يقتله قتله هو .
أذكرُ أنني كنتُ في بداية سنة 1997 وهو تاريخ تركي للدراسة أقرأ كتابا كل أسبوع على الأقل, دون أن أنصب على ميدان ما. كنت أقرأ كل كتاب أجده بين يدي أو بالأحرى الجرائد البالية و القديمة التي غالبا ما تشدني فيها بعض المواضيع الشيقة. كان الهدف هو القراءة قصد التثقيف وتغذية حب الاستطلاع.
واليوم بعد أن أصبحت مدمنا على عادة القراءة وبالرغم من التعب و قلت الوقت أستطيع كل يوم أن أقرأ ما يقربُ من ساعتين متواصلتين .
في كثيرٍ من الأحيان أقف بيني وبين نفسي وأنظرُ إلى العرب وفي وجوههم كما ينظرُ أي إنسانٍ عاديٍ إلى نفسه في المرآة, أتسائل : كيف يقضي المواطن العربي وقت فراغه ؟
طبعا الجواب ليس محيرا لي لأنني أعرفُ كيف يُقضي وقته , ولكنني متحيرٌ ومحتارٌ من هذا الكائن الغريب الذي يجلس على مقعد خشبي وينظرُ في الشارع والناس ,
إنني وأنا أمرُ بالشوارع أسمعُ الناس يضحكون ويلعبون , ويستهزئون يبعضهم البعض ولو أنهم يستثمرون وقتهم في أشياء مفيدة , لفعلوا أشياء عظيمة ولكن هيهات .