علـــــــــم الاجتماع وســــــائر العلوم
علم الاجتماع من حيث الحدود مع سائر العلوم،
وبين علم الاجتماع المطلق، وعلم الاجتماع الخاص،
فهو على ثلاثة أمور: 1 ـ بين العلم العام والخاص، أي علم الاجتماع بصورة مطلقة،
وعلم الاجتماع السياسي مثلاً، والنسبة بينهما نسبة
[
العموم المطلق]
حيث الثاني أخص من الأول،
نعم، هناك أمور تذكر في الخاص من حيث الاستيعاب لا يذكر في العام إلاّ بالإجمال والإيجاز.
2 ـ بين علم الاجتماع العام،
وعلم الزراعة مثلاً،
والنسبة بينهما [
عموم من وجه]
حيث أن علم الاجتماع يشمل الزراعة الاجتماعية والصناعة والسياسة
وغيرها، بينما علم الزراعة يشمل هذا العلم سواء من جهته الاجتماعية أو
سائر جهاته.
3 ـ بين علم الاجتماع الخاص،
مثل علم الاجتماع الاقتصادي، وبين علم الاقتصاد، والنسبة بينهما عموماً من وجه، حيث أن [
علم الاجتماع الاقتصادي
] يلون علم الاقتصاد بلون الاجتماع،
بينما ليس هذا موجوداً في علم الاقتصاد ومن ناحية أخرى،
علم الاقتصاد يتعرض لما لا يتعرض له علم الاجتماع الاقتصادي
مثل تاريخ الاقتصاد،
وكيفية تحصيل الدولة لما تحتاجه من المال وكيفية صرفه،
وأمور البنك وغير ذلك.
ما يجب ملاحظته في التحقيق الاجتماعي بقي شيء، وهو أن من أهم ما يلزم على العالم الاجتماعي في تحقيقاته
ملاحظة أمور:
أ ـ الدقة في التحقيق
[فإنه بالإضافة إلى أن العلم أمانة، والخيانة من أشد المحرمات الشرعية العقلية]. قال سبحانه:(إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً)(2).
إن عدم استقامة القوانين والنظريات الاجتماعية ينتهي إلى ظلم الناس،
وذلك محرم عقلاً وشرعاً أيضاً، مثلاً:
لو لم يحقق العالم الاجتماعي في الفوائد الاجتماعية لتعدد الأحزاب،
مما حبّذ وحدة الحزب اجتماعياً انتهى إلى الديكتاتورية الموجبة لهدر
الأموال والأعراض والدماء، فإن العلم يأخذ طريقه إلى العمل غالباً.
قال سبحانه: (وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم)(3).
وقال سبحانه: (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)(4).
وقال سبحانه:(ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) (5).
ب ـ عدم التعصب، فإن المحقق كثيراً ما يقع تحت نير التعصب، وذلك يحرف تحقيقه مما له آثار سيئة، ولا فرق في ذلك بين التعصب لبلده، أو قومه أو دينه، أو جماعته، أو غير ذلك.
ج ـ عدم تأثير القدرة عليه، سواء في الحكومات الديكتاتورية بسبب المال
والسلاح، أو في الحكومات الاستشارية بسبب المال والجاه،
ولذا نرى سقوط كثير من المؤرخين لأجل تزلفهم للسلطات خوفاً أو
طمــعاً، فلا عبرة بتواريخهـــم، وهكذا حال غير المؤرخ من العلماء الذين
يتأثرون بالقدرة، ويصبحون فقهاء البلاط، أو وعاظ الملوك،
أو شعراء
وكتاب الأمراء.
د ـ عدم تأثره بالدعاية والأجواء، فإن عدم الاحتياط والحزم والدقة، يسقط العالم في الأجواء المصطنعة، بدعاية أو غيرها، فإن ذلك أيضاً يوجب الانحراف المسقط للعالم الاجتماعي، وغيره عن درجة الاعتبار ديناً ودنياً.
وقد ورد في الحديث: (
رحم الله إمرءا عمل عملاً فأتقنه)(6).
وورد أيضاً: (من أبدى صفحته للحق هلك)(7).
وقال سبحانه: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل له مما يكسبون)(
.
وفي الحديث:
(فلا يغرنك طنطنة الرجال من نفسك)(9).