السلام عليكم
قرأت لكم : موضوع رائع نشر بأحد المواقع
وأحسست أن به من الفوائد الكثير .. جزا الله كاتبه عنا كل خير
و إليكم الموضوع ولا تنسوا الدعاء لكاتبه بكل خير
---------
خمسُ سنواتٍ وهي تعيش معاناة حقيقيّة.. تأرجحٌ متواصل بين العقل والقلب.. بين عواء الهوى ونداء الإيمان.. بين الحلم والواقع.. بين الرغبة والارتقاء.. بين الله جل وعلا وعُبَيْد الله!
كان عليها الاختيار بين حبٍّ وحبّ.. أحدهما يرفعها إلى عليّين وآخر يشدّها إلى الحضيض..
واختارت.. رضا الله جل وعلا وجنّة عرضها السموات والأرض.. ونعيماً مقيما..
وتخلّت عن حبِّ عُمرها الذي احتواها قبل أن تحتويه.. وسعادةٍ آنيّةٍ كلما دقت باب قلبها عادت لتهرب من جديد.. فالربّ غير راض!
ولا توجد أي متعة في الدنيا تنبت في القلب إن كانت في معصية الخالق جل في علاه! إلا أن يكون القلب قد مات وانطوت صفحة الإيمان فيه..
كنتُ الشاهدَ على أنّاتٍ ودموعٍ تحرق قلبها قبل الجفون.. وصرخاتٍ تُطلِقها في وجهِ مشاعرها أن "كفى".. كفى ضياعاً وعناقاً للشهوةِ.. وما معنى أن نكون قريبين من إنسانٍ بعيدين عن الله جل وعلا.. والبعدُ موت!
في كلّ لقاء أو مهاتفة أو رسالة كانت تخرج منتشية بكلماتٍ تُسكِرها.. حتى إذا ما استفاقت من غمرة عشقها اثّاقلت إلى الأرض وبكت خطيئتها.. واستغفرت وغسلت ذنبها بدموعها.. وبعد فترةٍ وجيزة وعند أول نداء للعشق.. تعود!
وبعد فترةٍ من التواصل مع هذا الشاب في علاقةٍ محرّمة قررت البتر.. فلم تعد تقوى على معاقرة الحب ولم تعد تتحمّل مجرد فكرة أن الرب عليها ساخط! بما ملكت يديها.. فانتهَت.. وكانت بداية النهاية.. ومسير طويل.. لعلاج نفسها من سُمّ الحب المحرّم.. ونسيان ما اقترفته في جنبه.. ولعودتها إلى الطريق القويم واستعادة ما فقدته في عصيانه جل وعلا..
لم يكن الطريق معبَّداً بأيّ حال من الأحوال.. وقد استنفدت قوتها كاملة في محوِ ما كان منها في زلّة اقتاتت طاقتها نقطة نقطة.. وكان بكاء وتوبة وندم واستغفار وصيام وإكثار من الطاعات وذكر وتلاوة قرآنٍ وعزم أكيد على عدم العودة.. وانشغال في الصالحات.. وأعمال كثيرة تفوق طاقتها.. لتنسى! وأنينٌ طويل وحسرة على ما فات!
وبالرغم من كل عواصف الجنون التي انتابتها في طريق الانسلاخ عن هذه المشاعر التي تحكّمت فيها إلا أنها كانت تجد سعادة عارمة.. فالحرب التي تخوضها هي لله جل وعلا.. أوليست مجاهدة النفس هي جهادٌ أكبر؟! أوليس الانتصار على الشهوات هو نصر حقيقي على الهوى؟!
إنّ هذا الحب كإدمان عتيق.. يخترق خلايا الدماغ والقلب والروح.. أوللروح خلايا؟! علمياً قد يكون الجواب لا.. ولكنها تؤكّد أن هذا الحب كان متغلغلاً في كل خلاياها حتى الروح!!.. وفي عمق وجدانها.. وكان يسكن في شغاف قلبها الذي ما استسلم ولا رضخ لسواه.. سيطرة كاملة على وجودها.. وامتلاك لكل ذرّة من كيانها..
وحب عشعش فيها وسرى في دمها أعماها عن كل شيءٍ إلاّه..
تقول أنها أحبّته بصدق.. وبكل طاقتها.. ولكنه تلاشى بالرغم من صدقه فضعفه كبّله عن المواجهة!
ويكأنّه لا يستحق مداد قلبها؟!! فحقّ عليها أن تتركه مرتين!
وكنتُ الشاهد على ما تقول.. كما أنني أشهد اليوم شفاءها التامّ من هذه البلوى التي عمّت مجتمعاتنا في هذا الزمن.. فقليلاً ما تجد قلباً خاوياً من حب تمكّن!
فراغٌ روحي.. وعاطفة تستجدي من يحتويها.. وإعلامٌ فاسد يحرِّك الحجر الأصمّ.. وأهلٌ مشغولون عن رعاية شباب يافع.. وفضول باكتشاف الممنوع.. وإثبات للوجود ولفت النظر.. واكتئابٌ يريد مَن يبدِّده..
لسنا ملائكة.. والوقوع في الخطأ ليس هو نهاية العالم.. ولكن الاستمرار في طريق الرذيلة هو الكارثة.. لأن الإنسان بذلك يخسر الدنيا والآخرة..
والمؤمن كغيره يتعرّض للمغريات على أن إيمانه يجب أن يجعله يتخطّاها.. أما إن ابتُلِيَ بمعصية فالتوبة والإقلاع عنها هو الدواء "وخير الخطائين التوابون".. وعودته لذكرى المعصية وجلد الذات لن يُغنِيَه شيئاً.. بل هو انسلاخ عن الماضي بكل ما حوى إلا من درسٍ وعبرة يأخذها منه لينتفع بهم قبل أن ينفع غيره..
قصةُ حبٍّ عايشتها لسنواتٍ أرى صاحبتها اليوم قوية مستبشرة بما هو قادم.. ثابتة على الحق.. تساعد من أخفق في الوقوف بعد كبوة لينطلق في الحياة من جديد راغباً إلى الله جل وعلا راضياً بقدره..
وعبارة أسرّت إليّ بها ما زالت ترنّ في مسمعي.. ومنها أتعلّم..
"لست بنادِمة على ما فات.. فوالله الذي لا إله غيره لو لم أمرّ بتجربة الحب هذه لما كنت رحمت قلباً أحبّ واكتوى بنار الحب.. ولكنت نظرتُ بعين السخط على كل من يقول "أحبّ" وهو مؤمن! وبالرغم من كمّ الألم الرهيب الذي عشته إلا أنني سعيدة بثمرة هذه التجربة ومتيقنة أنّ الله جل وعلا عني راض.. وأني على عينه وأدرك أنني أحبه وأرجو أن أكون ممن قال فيهم (يحبّهم ويحبّونه) فوالله ما انقطعت عن تلك العلاقة إلا رغبة بما عنده"..
وكلمةٌ لمن يعتقد أن الانسلاخ عن علاقةٍ محرّمة هو من المستحيل.. والله ما سردتُ قصة هذه المؤمنة التي ابتُلِيَت بالحب واستطاعت أن تتركه بعون الله جل وعلا إلا للتأكيد على أن الانسان قادر على ترك أي شيء يغضب الله تعالى مهما بلغت درجة الألم التي يكتبدها للتخلص منه.. فهو إن نوى قطع عرى هذه العلاقة يستطيع ذلك بإصرار وتحدّي وعزم أكيد.. ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه..
ووالله.. إن لذّات الدنيا مجتمعة لا تعدل لذة مناجاته جلّ وعلا..
فمَن يعي؟!!