فالتزام المسلمة بتلك الشروط ، يبيح لها متابعة تعليمها ، وقبل هذا وذاك ، دليل على استقامتها على أمر الله ، وفطرتها الطيبة ، ومعدنها الأصيل. وإهمال هذه الشروط أو الإخلال بها ، يقف حجر عثرة أمام مواصلة تعليمها ، بل قد يصل إلى درجة تحريمه ، وأكرر قولي: قد يصل إلى تحريم متابعة تعليم الفتاة ، خصوصا إذا كان هذا التعليم سيؤدي إلى الفساد والشر ، و ما يؤدي الى الحرام فهو حرام. كما أن من القواعد المقررة في الشرعية ، كما حدد ذلك هيئة كبار العلماء ، أن ما كان مفسدة راجحة فإنه حرام. والله سبحانه وتعالى أعلم.
لكن نستطيع الخروج بنتيجة الحكم بسؤال العلماء جزاهم الله خيرا واستفسارهم بعرض الأمر عليهم. لأن أمور الحلال والحرام صعبة جدا ولا أريد تحمل جريرة ما قد يصدر عني ، لذلك أوصي بالعلماء فهم مشاعل الهدى ، و هم ورثة الأنبياء وبهم نعرف الحق من الباطل والحلال من الحرام والسنة من البدعة وكما يقول الله عز وجل {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
لكن إخلال الفتاة بتلك الشروط ، هو قبل هذا وذاك دليل على الانحراف عن شرع الله المطهر ، وبرهان على استجابة المرأة لداعي الهوى والشيطان.
لا خير في حسن الفتاة وعلمهـــــــــا *** إذا كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليهـــــــــــــــــــــــــا *** إنما للناس منها دينها وحياؤها
وفي هذا الإطار ، أحذر من وسائل الإعلام ، سواء وسائل الهدم المرئية أوالمسموعة والمقروءة التي تزيف الحقائق ، وتزوّق الباطل ليبيحوا تعليم المرأة مع الإخلال بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، عن طريق استغلال علماء الضلال ، ممن لا يحملون من الإسلام إلا اسمه ، قد جندهم الأعداء ضد أمتهم ، فهم يتعاونون في سبيل إسقاط المجتمع ، ويستميتون في نشر الرذيلة…
والوصية للأخت المسلمة بتقوى الله ، وتمسكي (بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها) ، حتى تكوني على بينة من أمرك ولكي تسييري بوضوح وطمأنينة في طلب العلم وتنشئة الأجيال ، وتوجيههم الوجهة الصحيحة . وأخيرا فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء ، واضربوا به عرض الحائط ، وأنا راجع عنه في حياتي وبعد مماتي إلى ما هو حق وصواب ، وسأكون شاكرا لمن يهدي إلى أخطائي. وأقول له مسبقا: جزاك الله خيرا.
وأقول له قول الإمام مالك رحمه الله : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظر في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.
فاللهم يا ولي المؤمنين ، ومتولي الصالحين ، اجعل هذا العمل صحيحا مقبولا ، وسعيي فيه سعيا مرضيا مشكورا وانفع به اللهم من أخذ به وعمل بما فيه ، وأنقذ به يا ربي من شئت من عبادك الحيارى المترددين ، واهد به من عبادك من رأيته أهلا لهدايتك ، إنك وحدك القادر على ذلك وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.