|
| قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت الأحد مايو 17, 2009 7:19 am | |
| بسم الله الرحمان الرحيم, والصلاة والسلام على خير الورى وأتم المرسلين.أخي الحاج أختي الحاجة , يامن اصطفاه الله من بين خلقه أجمعين ليكون ضيفا عليه, خلال رحلة الحج المباركة .اعلم أيها الحاج الكريم أنها منة من الله وأي منة أن يوفقك الله للقيام برحلة الحج المباركة هاته. الرحلة التي تجمع بين العبادة والسياحة والتمتع بآيات الله العظمى . رحلة ذات مرحلتين : مرحلة الزيارة ومرحلة النسك. الزيارة بالمدينة المنورة والنسك بمكة المكرمة. وسنبدأ حديثنا بالكلام عن زيارة المدينة المنورة , وما بها من نفحات . ولتكون انطلاقتنا للحج مباركة, نتنسم بها بركات التأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم . والتماس الإذن منه للوقوف بين يدي الله في شعائر الحج المباركة. *- زيارة المدينة المنورة:
اعلم أخي الحاج أنك مقبل الآن على زيارة بقعة من أطهر و أقدس ما خلق الله في هذا الكون. أول ما يشد فؤادك ويخلعه من مكانه خلعا , عندما تطأ قدماك مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم, هو وجودك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , ذلك أن اعظم شعور تحسه بالمدينة هو تنسمك لأنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتضن المدينة من كل جوانبها , ويهيب عليها بسكينته ونسماته العظمى صلى الله عليه وسلم. لتصبح وأنت وسط المدينة المنورة كالطائر لاتكاد تحس بوجودك, أو وجود الناس من حولك . منطلقا في موكب من النور , يوصلك إلى موكب آخر ترى فيه الجمال , فلن ترى أخي الحاج في المدينة إلا موكبي النور والجمال . الجمال الذي يحف المدينة , ويجعل منها عقدا فريدا فائق الحسن والإتقان , تتوسطه لؤلؤة من أجمل ما رأت عيني , إنها المسجد النبوي الشريف . لترى الأعناق مشرئبة نحو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .أعناق خلق الله فيها الأسود و الأبيض ومن كل لون وجنس ¸فيها الضاحك والباكي , فيها الصامت والمدهول, فيها الصائح والمصعوق, فيها الحافي الذي يرى سوأ أدب أن يطأ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخف أو نعل . كل هذه الأعناق بأحوالها التي ذكرنا تسوقك معها نحو بداية اللقيا . وبشرى اللقاء برسول الله صلى الله عليه وسلم, لتدخل باسم الله مصليا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب السلام .فتزدادعند د خولك أنفاس ونفحات رسول الله صلى الله عليه وسلم من حولك. متجها ببصرك , طائرا ببدنك , نحو منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .فترى بأم عينيك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف خطيبا في الناس . ثم تجول ببصرك نحو مكان مرتفع , حيث رفع أول آدان في الإسلام مند خلق الله الخليقة. إنه مكان آدان سيدنا بلال ,يطل من العلا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , والروضة الشريفة بين منبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيته . هاته البقعة المباركة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي". لتجلس بها مصليا ركعتين , داعيا بما شئت . فالدعاء فيها مستجاب كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم تهيم حواسك , وينقطع اتصالك بالدنيا عندما تصل إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتشاهد معتكفه, وباب حجرته الشريفة.ومكان أهل الصفة , وهو مكان مرتفع قليلا أمام حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أُعدت الصفة لنـزول الغرباء العزاب من المهاجرين والوافدين الذين لا مأوى لهم ولا أهل فكان يقل عددهم حيناً، ويكثر أحياناً، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- كثيراً ما يجالسهم، ويأنس بهم، ويناديهم إلى طعامه، ويشركهم في شرابه؛ فكانوا معدودين في عياله . وهو يعج الأن بأهل الله والطالبين للقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ترىالأسطوانات المحيطة بالبيت الكريم , كأسطوانة الوفود و أسطوانة أمنا عائشة و التوبة والمخلقة – أي المطيبة بطيب الخلوق- وأسطوانة السرير و الحرس ومربعة القبر والتهجد ولكل أسطوانة قصة تتحدث عن سبب تسميتها. ثم يبدأ قلبك بالخفقان, وجسمك بالطيران ودمعك بالسيلان ولسانك بالخرسان. لتجد نفسك وجهل لوجه أمام حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجسده الشريف مسجى أمامك. إنها منى العمر, وغاية الوصل, تتحقق أمامك. حيث تفقد شعورك بالحس وتتوجه كلية بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فتتشرف أيما شرف برد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السلام فلا تحس إلا وقد فتحت أنهار الدموع من بين مقلتيك. فتعمك سكينة المكان و احتضان رسول الله صلى الله عليه وسلم لك و لأقوام من حولك جالسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. لغاتهم شتى, و أحوالهم شتى . لكن نورهم واحد وكلامهم واحد إنه السلام عليك يا خير و أجمل وأعظم ما خلق الله . دمت ياسيدي محبوبا محببا , حيا وميتا , ما دام الزمان ودامت المنى. ثم تعرج بنظرك لتسلم على دفيني الروضة الشريفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. صاحبيه أبي بكرالصديق وعمربن الخطاب رضي الله عنهما . فهي نعم الجيرة ونعم الصحبة , و أكرم به من مقام خصه الله بهما . مقام القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحيا والممات. ليبقى خروجك من الحجرة الشريفة , كالسهام في قلبك وقلوب من حولك . فمن خارج وهو يبكي بكاء الأطفال , ومن خارج جاثيا على ركبتيه لا تسعفه قدماه, ومن خارج وبصره ملتصق بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم, مستحييا أن يخرج موليا ظهره لرسول الله صلى الله عليه وسلم. إنه من أعظم المشاهد التي تهز القلوب , وترفع الأرواح , وتغسل الأبدان . نسأل الله أخي الحاج أختي الحاجة أن يكرمك الله ببلوغها . فإن بها حلاوة وطراوة , لا يحسها إلا من عاشها ورآها رأي العين . ثم تنطلق خارجا من باب البقيع جائلا ببصرك نحو القبة الخضراء التي تظلل حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, لترى اتصالها بالسماء وإطلالها على مكان يزيدك اهتياجا . فيقف شعر رأسك ويقشعر بدنك . إنك أمام أكبر مقبرة في المدينة .إنها البقيع , يا لجلال المكان و سكينة المقام حيث لا تسمع و لا تحس إلا رفرفة الحمام . إنك أخي الحاج أمام مدفن أكثر من عشرة آلاف صحابي , ومدفن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمنا خديجة و أمنا ميمونة اللتين دفنتا بمكة. ومدفن أهل الحرة وبعض علماء هذه الأمة كالإمام مالك رضي الله عنه .إنه أكبر تجمع لأجساد و أرواح أعلام الهدى وأنصار هذا الدين . وقد بلغ من حرص أهل المدينة على صحبة هؤلاء الرجال أن أغلب موتاهم يدفنون في هاته المقبرة المباركة. | |
| | | امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت الأحد مايو 17, 2009 7:20 am | |
| ولتصل أخي الحاج الحاضر بالماضي . وبعد أن رأيت مدفن هؤلاء الرجال, إحرص على زيارة ا لأماكن التي كانوا يبرهنون فيها عن رجولتهم .كزيارة جبال بدر, لترى هذا الوادي السحيق الذي كان بداية عز هذه الأمة وخدلان أعدائها.ثم سر في طريق طويل قطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها نحو جبل أحد حيث وقعت غزوة أحد . مشاهدا في طريقك المسجد الذي أقيمت به أول جمعة في الإسلام . لتطأ قدماك بعد ذلك تراب أحد , فتقف على جبل الرماة و كأنك بوقوفك فيه تعلن انتمائك لهذا الدين العظيم واستعدادك لحمايته والدود عنه من كل مكروه. لترى من أمامك جبلا من أعظم الجبال التي خلدها التاريخ . جبل يصر أهل المدينة على زيارته و تلقيبه بالصحابي الوحيد الذي لا زال على قيد الحياة . ولما لا وهو الذي قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وسلم " جبل أحد نحبه ويحبنا" . تنظر لعظم الجبل , وتتذكر اهتزازه هيبة أو فرحا عندما و طئه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبيه أبي بكر وعمر . وفي أسفل الجبل تقف على مكان يتجمع حوله الناس باكين مهللين. إنه قبر سيد الشهداء وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم, حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه . يقف جسده الشريف شامخا شموخ الجبل الذي فوقه , معطيا العبرة لمن يعتبر عما قاساه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصل لنا هذا الدين نقيا صافيا لا شائبة به. في هذا المكان تتذكر مقارعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام للمشركين ومن والاهم من أهل الكفر والإلحاد . ثم احرص أخي الحاج بعد ذلك على زيارة موقع غزوة الخندق لترى بعينيك أي نوع من الحجر قطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه لبناء الخندق. إنه أقصى و أصلب من أن تفله الفؤوس, ولكن الإيمان الذي استطاع أن يفل أقصى القلوب و أعتاها قادر على أن يفل هذه الأحجار ويفتتهابحمد الله ومنته. ثم تتوجه للصلاة بمسجدين عظيمين : مسجد قبأ . أول مسجد في الإسلام , ومسجد ذي القبلتين الذي أقيمت فيه أول صلاة استقبلت فيها الكعبة المشرفة للصلاة.لتقترب أخي الحاج من حجر مبارك خص الله به المدينة, وخلد ذكرها به. وكلما اقتربت منه ترنمت أدناك بنشيد استقبال الأنصار لموكب رسول الله صلى الله عليه وسلم . نشيد طلع البدر علينا من تنيات الوداع . إنها ثنيات الوداع المكان الذي استقبل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا زالت لهذه السنة الحميدة مكانها في عادات أهل المدينة إلى يومنا هذا , حيث يحرصون عند استقبال ضيف أو وداعه أن يكون ذلك عند هذا الحجر وفي هذا المكان المبارك. هذه أخي الحاج بعض نثقف من معالم ز يارتك للمدينة المنورة و إلا فلن تكفي صفحات لنسود عظمة وجلال هذا المكان . لأترك لك أخي الحاج وصف هيبة وجلال وداع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فهي أعظم من أن تصفها نبضات قلمي هذا . وفيها من الأنوار و الأحوال ما يعجز اللسان عن وصفه . لأعرج بك نحو مقام آخر من مقامات هاته الرحلة المباركة , إنها الرحلة الكبرى إلى بيت الله الحرام.
| |
| | | امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت الأحد مايو 17, 2009 7:21 am | |
| *- الرحلة إلى مكة المكرمة:
أول ما تخرج أخي الحاج أختي الحاجة من المدينة المنورة , متوجها إلى بيت الله الحرام . تخرج محرما أي لابسا ثوبا يسميه البعض بثوب الأخرة . ذلك أنك بلباسك هذا تتجرد من حولك وقوتك, وتعلن افتقارك إلى الله عزو جل . متبتلا إليه أنك جئته كيوم ولدتك أمك , لابسا كفنك , لاهجا لسانك بكلام يعتبر من أعظم القربات التي يتقرب بها الحاج إلى ربه , كلام يفتح الله به مغاليق القلوب .ذ لك أن فيه من الأسرار ما لا يعلمه إلا الله . هذا الكلام هو جهرك بالتلبية : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . فمنذ القدم أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم أن أدن في الناس بالحج.وها أنت أيها الحاج الكريم بجهرك بالتلبية تعلن الإستجابة. لتدخل في موكب المستجيبين لنداء الله الذي لا ينقطع إلى يوم القيامة. لتظل على هذا الحال إلى أن تصل إلى مكة المكرمة. وإذا كنت في المدينة دخلت من باب السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فباب السلام في مكة يدخلك على الله عز وجل.فتتيبس عروقك ويتجمد بدنك و يشخص بصرك. فالله تعالى جعل من رؤية المدينة رؤية للجمال ومن رؤية الكعبة المشرفة رؤية للجلال والهيبة والوقار . الكعبة المشرفة أو البيت العتيق , جعلها الله في هاته البقعة المباركة و كأنها قطعة من الأخرة, لاتمت لدنيانا بصلة. موصول حبلها بالسماء , محفوفة جوانبها بملائكة الأرض و السماء. تصلي فيها ركعتين شكرا و امتنانا لله عز وجل أن وفقك لتطأ قدماك هاته البقعة المباركة . ثم تتوجه نحو فلول الطائفين مقبلا للحجر الأسود أو الأسعد. بادئا طوافك حول بيت الله الحرام, وكأنك بطوافك هذا تطوف حول الكون كله. فتتخلص من أردان دنوبك. طائرا ببدنك حول بيت الله, مشاركا بروحك و بذنك في طواف كتب الله ألا ينقطع ولو لحظة واحدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وبعد الصلاة عند مقام سيدنا إبراهيم , تتوجه لشرب ماء زمزم الذي يجدد الله به العروق و الدماء , ويمحق الله به الذنوب ويطهر به القلوب ويجيب به الدعاء...وهو ماء جعله الله من بركات السماء التي خص بها هاته البقعة المباركة . فاحرص أخي على الإرتواء منه , بل التضلع به كما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم سر على بركة الله لتطأ قدماك حجر الصفا المبارك. فتتذكر معاناة أمنا هاجر معنا وتجربها حسا . من خلال سعيك بين الصفا والمروة , مشاركا فلول الحجاج هذا المهرجان أو العيد الكبير الذي يعبر عن عظمة هذا الدين وصدق من جاء به. ليظل طوافك بعد ذلك حول الكعبة والصلاة فيها , بل حتى النظر إليها من أعظم القربات إلى الله. فالله أعطى للمصلي والطائف والناظر لبيت الله الحرام درجات و أجرا عظيما لايعلمه إلا الله.واحرص أخي الحاج عند وجودك بمكة المكرمة على زبارة معالم عظمى بها , تذكرك بدعوة الله, ولحظات من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم . كزيارة البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى فيه النور فرأى بمولده الكون كله النور. وهو مكان قريب من البيت الحرام, تحول في عصرنا هذا إلى مكتبة تدعا مكتبة مكة. ثم زر بعد ذلك جبلين عظيمين خلدتهما كتب السيرة بمداد من النور . إنهما جبل ثور الذي اختبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر من المشركين.وهو جبل عظيم يوجد في الجهة المعاكسة لطريق المدينة, حيث كان قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإختباء به تضليل المشركين عن وجهته. والجبل الأخر هو جبل النور حيث يوجد غار حراء . معتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي وبداية رسالة الإسلام لهذا الكون. والناظر لهدين الجبلين وصعوبة الوصول إليهما يتلمس ما عاناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصل لنا هذا الدين غضا نقبا .ثم احرص أخي الحاج على زيارة ناصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي , ومعينته على نوائب المشركين و ظلمهم. إنها أمنا خديجة رضي الله عنها الموجود قبرها بمقبرة المعلاة. وغير بعيد عنها زر مسجد الجن الذي كتب الله فيه لرهط أخر من خلق الله , غير البشر أن يسمعوا كلام الله و يؤمنوابه ويستجيبوا لدعوة الله من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم يحين بعد ذلك وقت قيامك بأعظم ركن من أركان الحج, وأكرم يوم عند الله في هذه الأيام المباركة.إنه يوم عرفة, هذا اليوم العظيم الذي تهوي فيه قلوب و أبدان الحجاج من منى نحو عرفات ملبية نداء الله بالجهر بالتلبية . إنهم أحباب وضيوف الله عز وجل . جاءوا لزيارة الكريم و الوقوف بين يديه عز وجل , شعتا غبرا . فلا ترى عينك إلا بياضا في بياض , بياض الثوب و بياض الوجوه و بياض المكان وبياض الماء و الهواء و التراب. يقف الحجاج في هذا اليوم العظيم , وقفة المتنسمين لرحمات الله. وقفة الخاشعين لجلال الله, وقفة الواقفين بأعتاب الله, وقفة المتجردين من كل حول إلا حول الله. ليستقبلهم الجليل عند المغيب . وهم واقفون بين يديه تعالى , كوقوفهم يوم الحشر .صفوفهم متراصة, و رؤوسهم حاسرة و ألسنتهم داعية متبتلة . فينظر لهم نظرة الرحمة و ينشر بينهم مغفرته. حتى لا يبقى منهم محروم أو مذنب .فقد كتب الله عز وجل على نفسه في هذا اليوم العظيم , أن يطهر ضيوفه من أردانهم و يرجعهم إلى ديارهم كيوم ولدتهم أمهاتهم. والمغبون من يرجع من هذا المقام الجليل وهو في قلبه ذرة من شك أن الله لم يغفر له . كما قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه و عيناه تهملان, فقلت له : من اسوأهذا الجمع حالا ؟ . قال : الذي يظن أن الله لا يغفر له. وقوله صلى الله عليه وسلم : "أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك ". إنها خيرات الله تفيض ليرجع الحاج طاهرا مطهرا ولسان حال الشاعر فيه يقول: | |
| | | امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت الأحد مايو 17, 2009 7:21 am | |
| إليك إلهي قد أتيت ملبيا فبارك إلهي حجتي و دعائيا. قصدتك مضطرا وجئتك باكيا وحاشاك ربي أن ترد بكائيا. كفاني فخرا انني لك عابد فيا فرحتي إن صرت عبدا مواليا ثم يفرح الحجاج بتحللهم يوم العيد. فترى في أعينهم فرحا كفرح الأطفال. كيف لا وهم أتموا نسكا جعلهم كالأطفال حسا ومعنى.وأزالوا من قلوبهم بعد ذلك الرجس والوسواس برجمهم الشيطان الذي جعله الله أمامهم دليلا منكسا.ليطوفوا بعد رجوعهم لمكة طوافهم الأخير مودعين بيت الله, الذي جعله الله مهوى القلوب استجابة لنداء سيدنا إبراهيم"واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم".مهوى القلوب هذا يخلعها خلعا عند الوداع. فهي لحظة من أقصى اللحظات على قلب الحاج . ينفطر فيها قلبه كمدا على فراق بيت الله. فاللسان يعجز عن وصف هاته اللحظات واحوال الناس فيها , فإذا استعطت أخي الحاج عند معايشتك لها أن تصفها فصفها , فإني لا أجد لذلك حيلة ولا سبيلا , فليس لي من وصف رحلة الحج إلا النزر القليل . و إلا لملايين الحجاج الذين وفقهم الله للقيام بها , ملايين القصص والروايات عنها. وإنما هي كلمات أردت بها تهييج شوقك لحج بيت الله وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم . راجيا منك دعوات طيبات في عرفات, وتبليغ سلام عند وقوفك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد فقير يرجو رضى الله. | |
| | | | قطرات الغيث من زيارة المدينة المنورة والبيت | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|