الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
علامات القيامة الصغرى والكبرى عـبارة عن أحداث ووقائع تظهر على مر الزمان دلالة على اقتراب يوم القيامة , ولقد ثبتت فيها أحاديث كثيرة ثبوتًا صحيحًا من غير أدنى شك , والإيمان بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم واجب , وليست كل أحاديث علامات الساعة ضعيفة أو موضوعة , بل ثبت منها جزء كبير في البخاري ومسلم والصحاح والسنن , وهناك علامات ورد ذكرها في القرآن الكريم , كخروج يأجوج ومأجوج , وخروج الدابة , وغيرها , يقول الموفق أبو محمد المقدسي - رحمه الله – في كتابه لمعة الاعتقاد : " ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه ، مثل حديث الإسراء والمعراج ، ومن ذلك أشراط الساعة مثل : خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وقتله له ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل "
ولقد ثبت كثير مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم , كالفتن التي حدثت , و تكليم الجمادات والدواب للإنس , وانشقاق القمر , وغير ذلك , وهذا دليل على نبوته و معجزاته صلى الله عليه وسلم .
وقد جعل الله تعالى ظهور هذه العلامات دليلًا على اقتراب الساعة كما قال سبحانه " اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ " (سورة القمر الآية 1 ).
وأما بالنسبة لما صح من العلامات الصغرى والكبرى فسأذكر جُملاً منها بدليل واحد صحيح للاختصار وهي كالتالي :
أولاً : العلامات الصُغرى :
* بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة : كما ثبت في البخاري في كتاب الرقاق من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( بعثت أنا والساعة كهاتين ــ يعني أصبعين ــ ).
* انشقاق القمر : قال الله تعالى " اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ " (سورة القمر الآية 1 ) فجعل الله تعالى آية انشقاق القمر من علامات اقتراب الساعة.
* خروج النار من أرض الحجاز : ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى ».
* ظهور الفتن : ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافرًا ، أو يُمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ».
* ظهور الدجالين الكذابين أدعياء النبوة : كما ثبت في البخاري في كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة , ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله ).
* ولادة الأمَة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان : رواه البخاري من حديث أبي هريرة ومسلم من حديث عمر بن الخطاب واللفظ لمسلم « أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ ».
* رفْع الْعلم وقَبضه وظهور الْجهلِ والفتن في آخر الزمان : روى البخاري في كتاب الفتن من حديث أبي موسى وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل ، ويرفع فيها العلم ، ويكثر فيها الْهَرْجُ ، و الْهَرْجُ : القتل » .
* تكليم السباع والجمادات للإنس : روى البخاري في كتاب الأنبياء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، ثم أقبل على الناس فقال : " بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها ، فقالت : إنَّا لم نُخلق لهذا ، إنما خلقنا للحرث ، فقال الناس : سبحان الله بقرة تَكَلَّمُ ؟ فقال : فإني أُومِنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثَمَّ ، وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب ، فذهب منها بشاة ، فطلب حتى كأنه استنقذها منه ، فقال له الذئب يا هذا : استنقذتها مني فمن لها يوم السبع ؟ يوم لا راعي لها غيري ! فقال الناس : سبحان الله ! ذئب يتكلم ؟ قال : فإني أُومِنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثَمَّ » .