الدعوة النسائية.. درجة ثانية!
السيد شحتة
دور مؤثر في الدعوة إلى الله عز وجل، ذلك الذي تقوم العديد من الداعيات المسلمات المنتشرات في الوقت الراهن في طول العالم العربي وعرضه، ولكن يبقى اللافت للنظر أن حضورهن وقدرتهن على التأثير وتوصيل رسالتهن إلى الناس تظل في أحيان كثيرة أقل من قدرة اقرانهن من الرجال وهوما يثير تساؤلات واسعة حول واقع الدعوة النسائية ومستقبلها.
الحاجة ماسة في الوقت الراهن لجيل متكامل من الداعيات المسلمات اللاتي يستخدمن لغة العصر في الوصول إلى الملايين من أقرانهن في كافة المراحل العمرية والمستويات الوظيفية والاجتماعية، وهو ما يمكن إذا تحقق أن يضاعف بصورة كبيرة من رصيد الصحوة الإسلامية، في ظل حقيقة أن المرأة تبقى في كل الأحوال هي الأكثر قدرة على التواصل مع بنت جنسها والتأثير فيها.
الدعوة النسائية ـ طبقا لعلماء الاجتماع والتربية ـ هي الأكثر قدرة على إصلاح المجتمع وإعادة بنائه من جديد؛ فالمرأة هي الأساس اللأول الذي تقوم عليه حركة الأسرة وتطورها، حيث تزرع في أبنائها منذ سنوات عمرهم الأولى المفاهيم والأفكار التي تدير حياتهم فيما بعد، وهو ما يعنى أن الطريق لتكوين جيل مسلم يفهم إسلامه جيدا لا يمكن أن يتم سوى عبر أم مسلمة، تسهر على بناء ورعاية هذا الجيل.
كثيرون هم الذين ظلمو وما زالو يظلمون المرأة حتى الآن، من خلال إصرارهم على التعامل معها على أنها كيان تابع حتى في الدعوة إلى الله عز وجل، حيث يبدو اهتمام المؤسسات الرسمية الإسلامية الآن بإعداد وتكوين الداعيات أقل كثيرا مما يجب، ولا يتم سوى في أماكن محدودة وبإمكانيات ضئيلة للغاية، على طريقة التمثيل المشرف التي ترفع شعارا للعديد من الأمور في عالمنا العربي!
السبب الرئيسي
العجيب أن الحركات الإسلامية الوسطية مازالت هي الأخرى تتعامل مع الدعوة النسائية من منطق الترف، حيث تقوم بإعداد أعداد رمزية من الداعيات النساء، واللاتي يظل خطابهن في أحيان كثيرة نخبويا وموجها لمن هن داخل الإطار التنظيمي، في حين لا تجد ملايين الأخريات من يعلمهن فرائض الوضوء.
وعلاوة على هذا كله، فإن هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل والأشواك، تلك التي تفترش دائما طريق الداعية إلى الله عز وجل، وإذا كان هذا الأمر بالنسبة للرجل، فإن المشقة فيما يتصل بالمرأة التي تحمل على كاهلها مهمة الدعوة إلى الله عز وجل تكون مضاعفة، في ظل مجتمعات ما زالت تجهل الكثير من حقائق دينها الحنيف.
الانشغال بأمور الحياة ومتاعبها التي لا تتوقف عند حد معين، هو السبب الرئيسي في محدودية عدد الداعيات من النساء مقارنة بالرجال، فالمرأة عادة تجد نفسها غارقة بصورة كاملة في شؤون المنزل المختلفة والوفاء باحتياجات الأبناء ومطالب الزوج، وذلك في ظل عدم إدراك الكثير من الأزواج لضروروة أن يقوموا ـ اقتداء بنيهم الكريم ـ بمساعدة أزواجهن، وأن يكونوا في مهنة أهلهن، وهو ما سيؤدي إذا ما تحقق إلى إعطاء المرأة مساحة من الوقت التي يمكن أن تحمل خلالها راية الدعوة إلى الله عز وجل.
"قليل من المعلومات كثير من الحركة" هو الشعار الذي يجب على كافة النساء الآن رفعه للخروج من المأزق الراهن، والذي أدى لانسلاخ الكثير من الفتيات عن قيمهن الإسلامية، وهو الأمر الذي يدفع المجتمع الآن ثمنه فادحا، في صورة انحلال وفساد أخلاقي بالغ مرحلة مسبوقة من التدمير، ويهدد باقتلاع وجودنا في طريقه.