الحمد لله والصلاة والسلامن على رسول الله ..
يعرف عنك الكثير والكثير جداً ، يعرف ذلك منذ بدء الخليقة ، بل قبل أن ينفخ فى آدم الروح ، يعرف أن آدم خلق لايتماسك والمعصوم منهم من عصمه الله تعالى .
جاء فى تفسير القرطبى وغيره أن إبليس قال إذا مرّ بآدم وهو من صلصال : (( .. لأمر ما خلقت ! ودخل من فمه وخرج من دبره، فقال إبليس للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف ولئن سلطت عليه لأهلكنه .. ويقال : إنه كان إذا مر عليه مع الملائكة يقول : أرأيتم هذا الذى لم تروا شيئا من الخلائق يشبهه إن فضل عليكم وأمرتم بطاعته ما أنتم فاعلون ؟ قالوا : نطيع أمر ربنا، فأسر إبليس فى نفسه لئن فضل على فلن أطيعه، ولئن فضلت عليه لأهلكنه .. )) اهــ .
دخل من فم آدم وخرج من دبره ، فرآه وعرف عنه مايريد معرفته ، وعرف مواطن ضعفه ومن أين يُؤتى ؟
فكان ذلك أول ولوج لجنى فى بشر !!
نظر إلى مافى جوف آدم الذى من طين بنظرته التى الأصل فيها أنها من نار .
بل ظنّ ظناً وصدق ظنّه بإذن الله تعالى ، قال تعالى : (( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًامِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) سبأ 20
قد يكون وسوس لآدم فانقاد له ووقع ، فقاس إبليس الفرع على الأصل فقاس الولد على الوالد ، وربما صدق ظنّه لأنه علم ماركب في آدم من شهوة وغضب !! أو أنه سيراك ولاتراه أو أنه يلج فيك ولاتلج فيه ، فإبليس عند بعض المفسرين كان صاحب عبادة وعلم .
وإبليس ليس لوحده بل له ذرية ، وله جنود وأتباع من الإنس والجن ، وله سرايا ، ولكل واحد منهم مهمة وهدف متوجه إليه .
والآن جاء دروك !
ماذا تعرف عنه وعن قبيله ؟ ماذا تعرف عن خيله وصوته ورجله ؟
كيف يحمل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذيره من الشيطان وفتنته ؟ وكيف يوجه لنتقى شره ونرفع الظلم عن العباد ؟
( إذا طعم أحدكم فسقطت لقمته من يده فليمط ما رابه منها وليطعمها، ولا يدعها للشيطان ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق يده، فإن الرجل لا يدري في أي طعامه يبارك الله، فإن الشيطان يرصد الناس أو الإنسان على كل شيء حتى عند مطعمه أو طعامه ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يُلعقها، فإن في آخر الطعام البركة ) ( السلسلة الصحيحة /1404) ويليه تعليق للشيخ الألباني رحمه الله تعالى مهم ومفيد فمن شاء فليطلع عليه .
سنجد تخرصات وأقوال من ساحر تائب كان فى ذل ومهانة ، أو من صوفى تائب كان يتنطط ويضرب قفاه بالشيش أو ممن لمن يتب منهم أو ـ وهو الدارج ـ معلومات من الشياطين أنفسهم عندما يجتمع الرقاة حول من حضر على جسد مسكين ، ويسالونه !! ثم يصدقونه .. فلله العجب عندما يطلبون معلومات عن الشيطان من الشيطان ! بل يتسخرجون قصصاً من إخراج الجن وبطلها مغفل من الإنس يسمونه ( راقٍ شرعى ) !!!
هل فكرت أن تبحث فى أصل خلقه كما بحث فى أصل خلقك ، وتمعن النظر فى تكوينه من حيث الأصل كما تمعن فى تكوينك وعرف من أين يأتيك ؟
الجواب : لا !
أنى لهم الوقت ؟! والوقت كله فى تقاتلهم على مشيخة أو إدارة أو إشراف أو امرأة أو زبون أو استضافة فى دولة أو تتبع عورة فلان وعلان وهذا وذاك !
اعرف الشيطان تتغلب عليه ، ولاتقرأ ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) على حالة مرضية وفى الوقت نفسه قلبك معلق بها لجمالها وحسنها أو لمالها أولحسبها أولنسبها ، لأن هذه الآية لاتنطبق عليك والحال هكذا ، بل كيده ضعيف على من منّ الله عليه بالحفظ والرعاية والذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون !!
إن أردت هزيمة الشيطان فأنت أمام أمرين :
1 ) أن تكون ماكان عليه الصدر الأول من المسلمين الذين خنقوه ـ أى الشيطان ـ وصرعوه وأسروه وجعلوه يفر من الفج الذى هم فيه وهذا يحتاج منك إيمان راسخ وعقيدة فذة وتعلق بالله وحده الذى لامعبود بحق إلا هو !! ودع عنك العويل والصراخ والبكاء على جناب التوحيد والنياحة على مايمس العقيدة حتى وصلت الجرأة ببعض المجاذيب أن يخطأوا أئمة أعلاماً لو بعث أحدهم ونظر إليه لجف مكانه من هول هيبته !!
2 ) أن تتشبه بهم وتضف على ذلك علم راسخ وفهم فذ وقوة استدراك وبصيرة فى التتبع والاستقراء ، ولايلتفت للمفكرين أصحاب الوصفات الإنشائية ! والمواضيع التعبيرية التى هى نفسها من سنين والاختلاف فى المعرف التى تكتب به !
3 ) فإن حرمت هذا أو ذاك ، فقل خيراً أو اصمت وأبعد أنفك أميالاً عن مشاكل الناس ومعاناتهم ، ولاتستكبر فى ثنى الركب ، واشفِ عيّك بسؤال من هم على دراية وفهم ، وكن مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر !
4 ) فإن لم تكن من هذا ولاذاك ، فبالله عليك ارحنا منك ومن غشك وخداعك ، وانزع عنك ثوب الاختصاص واترك المجال لأهله ، ولاتشنع عليهم ولايغرنك الشيطان بالقول فيهم وتتبعه عوراتهم وتقصى أخبارهم ، فأولئك فاقوك ديناً وعلماً وأدباً ، ولاتقل أنك ( متخصص ) بل قل ( تاجر ) أو ( مسترزق ) ولاتضع كلمة ( شرعى ) إلى اسمك لأن الأسماء لاتغير الحقائق ، وقد سئمنا الجهل والغفلة والتقول على العلم وادعاء أنك من أهله ومن خاصته وهذا ادعاء تكذبه الشواهد ، فكثرما يضع السائل سؤالاً يفتح له الباحث أو المعالج أو المشرف فاه لأيام لايعرف كيف يجيب ! حتى يسعفه من هو أجهل منه بالقول ( علم لاينفع وجهل لايضر ) وعند التحقيق الضرر الحقيقى هم هؤلاء الدخلاء على العلوم وأهلها الذين يفسدون ويظنون أنهم يصلحون .
والله تعالى أعلى وأعلم .