إنه الرجل الذي ولد في جوف الكعبة.. واشترى داراً في الجنة.
إنه من عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين سنة في الاسلام.
ولقد نشأ رضي الله عنه في أسرة ذات جاه ومنصب وثراء، أسلم أبوه يوم الفتح وحسُن اسلامه، وغزا حنيناً والطائف، وكان من اشراف قريش، وعقلائها، ونبلائها، وكانت خديجة رضي الله عنها عمته، وكان الزبير رضي الله عنه ابن عمه.
ولقد كان حكيم رضي الله عنه عاقلاً سخياً فولي منصب الرفادة فكان يخرج من ماله لمساعدة الحجاج، ولقد قتل ابوه يوم الفجار الأخير.
أما عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم وتعلقه به، فيقول رضي الله عنه: كان محمد صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلي في الجاهلية، فلما نُبّئ وهاجر شهد حكيم الموسم كافراً، فوجد حُلّةً لذي يزن تباع، فاشتراها بخمسين ديناراً ليهديها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم بها عليه المدينة، فأراده على قبضها هدية، فأبى. قال عبيد الله: حسبته قال
إنا لا نقبل من المشركين شيئاً، ولكن ان شئت بالثمن) قال: فأعطيته حين أبى علي الهدية.
وفي رواية: فلبسها، فرأيتها عليه على المنبر، فلم أر شيئاً أحسن منه يومئذ فيها، ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيم على اسامة، فقال: يا أسامة أتلبس حلة ذي يزن/ قال: نعم، والله لأنا خير منه، ولأبي خير منه. فانطلقت الى مكة، فأعجبتهم بقوله.
وازدادت المحبة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عندما تزوج النبي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، والعجيب انه لم يسلم الا يوم الفتح بعد اكثر من عشرين سنة على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ما كان يحزنه ويؤرقه لما فاته من خير كثير ناله السابقون الأولون.
سخاء فريد
وكان رضي الله عنه زاهداً، قنوعاً سخياً، وفيّاً، ذاكراً.
قال حكيم بن حزام: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: (يا حكيم ان هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل فلا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى).
فقال حكيم: فقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحداً بعدك شيئاً حتى افارق الدنيا، فكان ابو بكر يدعو حكيماً الى العطاء، فيأبى أن يقبله منه، ثم ان عمر دعاه ليعطيه، فأبى ان يقبل منه، فقال: اني اشهدكم معشر المسلمين على حكيم، اني اعرض عليه حقه من هذا الفيء، فيأبى ان يأخذه،
منقول من جريدة الخليج