امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| |
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: من أسرار الإعجاز البياني في القرآن الجمعة يونيو 12, 2009 7:55 am | |
| حلم إسماعيل: والحلم الذي هو الصفة المميزة لإسماعيل عليه السلام يعني: الصبر والإرادة والسكون والعقل السليم، وهو ضد الطيش ولو جمعنا كل مناحي الحلم فإنه يكون (التقوى) بكل معناها من حب الله وخشيته والصفح الجميل. يصف الله إسماعيل عليه السلام في سورة مريم آية: 54، 55: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا }. إسماعيل عليه السلام كان صادق الوعد، حينما أسلم وجهه له ساعة الذبح راضياً بقضاء الله{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [الصافات: 102]. إن ذلك كان منتهى الإيمان بالله من الأب المحسن إبراهيم عليه السلام ومن الابن الصابر إسماعيل عليه السلام. علم إسحاق ومن ورائه يعقوب (إسرائيل) وصف الله سبحانه وتعالى إسحاق بالعلم والذي ورثه بنو إسرائيل (بنو يعقوب بن إسحاق)، وكان من المفترض أن يستخدم بنو إسرائيل هذا العلم الوراثي في حسن عبادتهم لله والتفكر في آياته.. غير أن أكثرهم استغل هذا العلم في ماديات صرفة ولم يتوجهوا إلى الله سبحانه وتعالى، بل أغرقوا أنفسهم في الماديات وظلموا أنفسهم وقد قال الله في شأن إبراهيم عليه السلام، وشأن ذريته: سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } [الصافات: 109-113]. كذلك قال الله سبحانه وتعالى في شأن ذرية إبراهيم عليه السلام: { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة: 124]. إن الله سبحانه وتعالى بين لإبراهيم عليه السلام أن ذريته لن تكون كلها من الصالحين وأن ذلك يعتم على استجابتهم لما يحييهم بما أنزله على رسله إليهم من البينات والزبر والكتاب المبين، امتحن الله بني إسرائيل (فضلهم على العالمين) واختارهم على علم على العالمين، فكيف كانت استجابتهم لله ؟... ظلم بنو إسرائيل أنفسهم على مدى التاريخ. وكانوا يقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويعصون الله فيما أمرهم وينقضون ميثاقهم مع الله... إنهم يحاربون كل من يقول لهم توجهوا بقلوبكم إلى الله واتركوا الحب الشديد لماديات وآمنوا بالله الذي ليس كمثله شيء... كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه... يتحايلون على أوامر الله حينما قال لهم لا تعتدوا في السبت، ويتشددون في أي أمر حينما قال لهم موسى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً } [البقرة: 67] فاشتطوا في الأمر... استكبروا بالعلم الذي أورثوه.. ولم يؤمنوا إلا بالأشياء المادية أما الناحية الروحية... أما الحلم فقد بعدوا عنه لدرجة أنه من فرط ماديتهم قالوا لموسى عليه السلام: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ } [الأعراف: 138] كذلك فإنهم طلبوا إلهاً مادياً يلمسونه بأيديهم وصنعوا عجلاً جسدياً مادياً.. لم يقبلوا بأن ينزل لهم المن والسلوى من السماء.. ولكنهم فضلوا طعام الأرض... كل توجههم كان للأرض ولم يرفعوا رؤوسهم إلى السماء... { { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } [البقرة: 61] لقد استبدلوا الأرض بالسماء استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.. وكان هو ذلك مبدأهم وحتى الآن.
| |
|
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| |
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: من أسرار الإعجاز البياني في القرآن الجمعة يونيو 12, 2009 7:56 am | |
| يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة الآية 101: { { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } [التوبة: 101]. إن المنافقين تأثيرهم ووزنهم ليس تأثيراً عادياً.. إنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر.. إنهم يشوّهون العقيدة ويخدعون المؤمنين.. ويضربون الأمثال السيئة للذين لم يؤمنوا بعد.. إنهم وبال على الإيمان لذلك كان لا ب من عذابهم مرتين مرة بسبب الكفر ومرة بسبب إظهار إيمان غير حقيقي..... اليهود والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم: يقول الله سبحانه وتعالى في سورة القصص الآيات 52-54: { الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }. إن اليهود بوجه عام متعنتون في الدين.. يعلمون الحق ولا يتبعونه.. يقولون سمعنا وعصينا لذلك جاء الأمر مرتين لهؤلاء الذين جاهدوا هذه الطبيعة السيئة وانتصروا على أنفسهم.. وخرجوا من أمر اليهودية المتعنتة وصبروا على أذى بقية قومهم... واصبحوا قمماً إيمانية تبين كذاب بني إسرائيل وإصرارهم على الباطل... وآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن الكريم. القمم والكبراء في الضلال: يقول الله سبحانه وتعالى في شأن هؤلاء القسم في الضلال والإضلال: { أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ } [هود: 20]. { وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } [الأحزاب: 67-68]. { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 38]. إن هؤلاء القمم في الضلال والإضلال يستحقون العذاب ضعفين بما لهم من تأثير في باقي الناس المعاديين وبما لهم من سطوة وقوة وقهر وبريق وإعلام وإعلان وشهرة... قمم الضلال والإضلال... وجزاء التوبة يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الفرقان الآيات 68-70: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }. هؤلاء القمم الذين ضلوا وأضلوا وأفسدوا في الأرض.. أشركوا بالله.. وقتلوا النفس التي حرم الله بغير الحق، وزنوا.. ثم أفاقوا واهتدوا إلى الحق وجاهدوا أنفسهم وشهرتهم وسطوتهم وانتصروا على كل الهالات والبريق الذي يحوطهم وعلى كل الشلل والأصحاب والأخدان وحاشية السوء.. وتابوا إلى الله وأنابوا إليه وعملوا الصالحات وانتقلوا بزاوية مقدارها 180 درجة من الشمال إلى اليمين.. غفر الله لهم ذنوبهم وإسرافهم في أمرهم.. ونقل أعمالهم وسيئاتهم من الشمال إلى اليمين.. فتبدلت السيئات إلى حسنات وتضاعف أجرهم جزاء بما صبروا على شهوات النفس.... وجزاء على ما يحدثه هذا التبدل كما أفاق هؤلاء القمم.. ويرجع الناس وينيبوا إلى الله ويسلموا له... كما أسلم الكبراء... ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.. فقد كان في أول الدعوة يرجو إسلام عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام (أبو جهل) بما لهم من أثر في الناس العاديين.. الملوك والقياصرة والأكاسرة وقمم السلطة: في رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القياصرة والأكاسرة والتي دعاهم فيها إلى الإسلام كان صلب الرسالة هو الآتي: ( أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ). إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أثر الإسلام هؤلاء القمم في شعوبهم... وأنهم حينما يسلمون فإنهم يساعدون في إزالة الغشاوة عن أعين الناس العاديين.. ويلفتونهم إلى الحق لهم من قوة جذب وبريق.. هذا بالإضافة إلى انتصار هؤلاء القمم على أنفسهم وكبريائهم وسلطاتهم وعروشهم ومساواتهم بعامة الناس حب مبادئ الإسلام.. لذلك كان الأجر مرتين.. الأجر مرتين.. للصابرين عندما صبر سيدنا إبراهيم عليه السلام على البلاء المبين بذبح ابنه الوحيد إسماعيل عليه السلام، بشره الله بإسحاق نبياً من الصالحين. { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 112]. وبذلك أعطاه اله أجراً مرتين بما صبر على البلاء العظيم بفقد ابنه الوحيد.. فأعطاه ابناً آخر نبياً من الصالحين.. كذلك فإنه عندما صبر أيوب عليه السلام على النصب والعذاب وعلى فقد أهله وهبه الله أهله ومثلهم معهم رحمة منه وذكرى لأولي الألباب.. لقد منحه الله الأجر مرتين.. { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [ص: 43]. القمم بوجه عام في المجتمع:
| |
|
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| |
امل الزاوية الادارة
نقاط : 3054
| موضوع: رد: من أسرار الإعجاز البياني في القرآن الجمعة يونيو 12, 2009 7:57 am | |
| القرآن الكريم كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.. وإحكام الآيات يعني إحكام الألفاظ والكلمات.. إن كل كلمة قرآنية تؤدي معناها (تماماً على الذي أحسن) في الجملة القرآنية والجملة القرآنية تؤدي معناها (تماماً على الذي أحسن) في الآية القرآنية وهكذا... ليكون القرآن الكريم كتاب محكم الآيات لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. وكثير من الناس لا يجدون فرقاً في استخدام كلمات السنة والعام والحول ويعتقدون أنها كلمات مترادفة.. لو استبدلت مواقعها لما تغير معناها.. غير أن القرآن الحكيم يحدد المعنى للكلمة القرآنية بكل دقة ويوحي إلينا هذا المعنى من خلال سياق الجملة القرآنية، الآية والسورة.. وكذلك من خلال ربط الآيات القرآنية ببعضها.. فما أوجز من معنى في مكان.. يفسره الله سبحانه وتعالى لنا في مكان آخر.. وكما سبق لي أن أوضحت في هذه الدراسة أن هناك آيات قرآنية أو جملاً قرآنية يرد فيها لؤلؤة أو مفتاحاً لبيان معنى معين قد يكون معلقاً على الفهم العام وبتدبر هذه الآية القرآنية وبربطها مع الآيات القرآنية الأخرى ذات العلاقة يظهر المعنى واضحاً جلياً.. ولنتدبر بعض الآيات التي تعتبر مفاتيح لمعنى السنة والعام والتي تربط بين السنة والعام: قال الله سبحانه وتعالى في الآية رقم 14 من سورة العنكبوت: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } [العنكبوت: 14]. وقال سبحانه وتعالى في الآيات 47-49 من سورة يوسف: { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }. في الآيات السابقة نجد أنه حيثما ترد السنة أو السنين فذلك يعني الشدة والتعب والدأب والظلم والطول.. وعلى العكس حيثما يرد العام فذلك يعني السهولة واليسر والرخاء وقصر المدة. ففي المثال الأول والخاص بمدة الرسالة التي قضاها نوح عليه السلام في قومه بما فيها من شدة ونصب وتكذيب واستهزاء.. ثم ما كان من يسر ورجاء لنوح عليه السلام بعد الطوفان الذي أغرق الكافرين وبعد أن عاش مع المؤمنين.. فقد ذكر القرآن الكريم أن نوحاً عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.. أي أنه لبث في الشدة 950 سنة وفي الرخاء بعد إهلاك الكافرين الطوفان خمسين عاماً. وفي المثال الثاني من سورة يوسف فقد جاءت{ سبع سنين } مع العمل الدءوب والجهد والتعب ثم جاءت (سبع شداد) وهي صفة للسنين مع الضنك والجدب.. أما لفظ (العام) فقد جاء مع (الغيث) و(المطر) وكثرة العلة واليسر والرخاء.. { عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }. السنة: حينما نرجع إلى جميع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها (سنة) و(سنين) لوجدنا صفة الشدة والطول هي الغالبة على المعنى وقد وردت في القرآن الكريم 20 مرة نذكر بعض الأمثلة منها: { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ } [الأعراف: 130]. { فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا } [الكهف: 11]. { { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } [الشعراء: 205]. { { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } [الشعراء: 18]. { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى } [طـه: 40]. وهذه الآية فيها لفتة عظيمة حيث تدل على الأجل الذي قضاه موسى عليه السلام في مدين وأن هذا الأجل هو عشر حجج حينما خيّره والد الفتاة { { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ } [القصص: 27]. وقد جاءت الآية بأن موسى عليه السلام قد لبث سنين في أهل مدين وبالمعنى الخاص بالسنين وهو طول المدة فإن ذلك يعني أن موسى عليه السلام قد قضى أطول الأجلين أي عشرة سنوات.. وبالطبع فإن هذه خصوصية النبوة وهي إتمام الخير.. لاحظ معي أيها القارئ الكريم هذه الدقة في القرآن وأن أي كلمة لا تأتي عفواً.. وإنما هي الحكمة.. العام: وردت كلمة عام وعامين في القرآن الكريم 10 مرات وهي تعني اليسر والرخاء وقلة المدة أو قصرها حسب الحالة النفسية للشخص أو الأشخاص.. ونذكر فيما يلي أمثلة من ذلك: { أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } [التوبة: 126]. وتعني: قصر المدة التي تتم خلالها الفتنة. { ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [يوسف: 49]. وهي تعني اليسر والرجاء. { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } [لقمان: 14]. وهي تعني الحب والفرح بالوليد خلال فترة الرضاعة. الحول: الحول يعني العام الذي يتم فيه فعل الشيء بلا انقطاع فمعناه يختف عن معنى السنة ويختلف كذلك عن معنى العام لأن السنة والعام هي فترات زمنية يأتي خلال أي جزء منها الحدث أو الفعل وليس شرطاً أن يكون الحدث أو الفعل مستمراً خلالها، أما الحول فيكون الحدث أو الفعل فيه مستمراً بدون انقطاع.. ونذكر الآيتين اللتين ورد فيهما الحول: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ } [البقرة: 240]. وهي تعني أن يكون المتاع طوال العام مستمراً بدون انقطاع. {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } [البقرة: 233]. وهي تعني أن الرضاعة مستمرة بلا انقطاع طوال العامين.. { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } [لقمان: 14]. من الدراسة السابقة يتبين لنا الفروق الجوهرية بين معنى السنة ومعنى العام ومعنى الحول وأنها يجب أن يتم فهمهما على النحو الصحيح حتى نتدبر آيات القرآن ونفهمها على أحسن وجه.
| |
|