هبة الله الادارة
نقاط : 13559
| موضوع: أم المؤمنين - حفصة بنت عمر رضي الله عنهما الخميس مارس 19, 2009 1:56 pm | |
| ولدت حفصة رضي الله عنها قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أعوام , وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي - أحد المهاجرين - في سنة ثلاث من الهجرة وخنيس هذا صحابي جليل.....
شارك في الغزوات الأولى من الإسلام، واستشهد في غزوة أحد تاركاً الأرملة الشابة خلفه. فسعى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد وفاة زوجها في إيجاد زوج مناسب لابنته، فكان أول من عرضها عليه أبوبكر رضي الله عنه، فلم يجبه بشيء، وعرضها على عثمان، فقال: بدا لي ألا أتزوج اليوم، فوجد عليهما وانكسر، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، وتتزوج عثمان من هي خير من حفصة» ثم خطبها لنفسه، فزوجه عمر. وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها. حياتها في بيت النبوة عاشت السيدة حفصة في بيت النبوة تتلقى وتتعلم معاني الأخلاق والعبادة بالإضافة لما أكرمها الله به من شرف الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم كانت من اللواتي دأبن على تعليم الناس كما كان ذلك شأن السيدة عائشة رضي الله عنها من قبلها. وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم شاركت في زمن الخلفاء الراشدين في الحياة العامة، وكانت تبدي رأيها، وتقول ما تؤمن به، وتعلم الناس، وظلت على هذه الحال إلى بداية زمن معاوية رضي الله عنه، حيث توفاها الله تعالى. وفي زمانها كانت حادثة جمع القرآن الكريم، وذلك أن كتاب الله في عهده صلى الله عليه وسلم لم يكن مجموعاً كما هو الحال اليوم، بل كان مكتوباً متفرقاً على الجلود وعلى العظام وورق الشجر.. إلى أن شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه لجمعه في مصحف واحد؛ وشاور عمر رضي الله عنه، فأمرا زيد بن ثابت بجمعه. ثم جمع زيد كتاب الله بالشروط المعتبرة، وجعل المصحف عند أبي بكر، فكان هذا المصحف النسخة المعتمدة التي تعتمد عليها الأمة كدستور لها دون أن يكون لها أدنى شك في صحة أو خطأ أية منها. وبعد وفاة أبي بكر كانت هذه النسخة عند عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. فلما طعن أبو لؤلؤة المجوسي اللعين عمر بن الخطاب. أمرعمر أن تكون هذه النسخة عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها. وفي عهد عثمان ونتيجة للفتوحات وتوسع الدولة الإسلامية ودخول كثير من الأعاجم في الإسلام حيث تأثرت اللغة العربية بلهجاتهم ولغاتهم.. أمرعثمان أن تحرق جميع النسخ الموجودة عند الناس - وذلك خشية أن يوجد بها أخطاء، وخشية من أن يدخل اللحن في كتاب الله - وأمر بالاعتماد على نسخة أصلية، فكانت هذه النسخة هي النسخة الموجودة عند السيدة حفصة، ثم أمر رضي الله عنه بأن تنسخ النسخة التي عند حفصة نسخاً عديدة، وأمر بأن توزع هذه النسخ على الأمصار الإسلامية الموجودة إذ ذاك.. وصارت هذه النسخ هي المرجع الأساسي للناس في تلاوة كتاب الله. وهكذا أودع الخليفة وصاحبه نسخة القرآن المعظم عند امرأة هي أم المؤمنين، فانظر رعاك الله إلى أمة تعهد بدستورها الوحيد والعظيم، إلى امرأة واحدة، وهذا الدستور لو أنه ضاع - لا قدر الله - لكان في ذلك ضياع الإسلام والأمة وذهاب كل إرثها وتاريخها.. أليس ذلك يدل بجلاء ووضوح على أن المرأة كان لها الدور الواضح والمميز في الحياة السياسية في مجتمع المسلمين آنذاك؟! أليس ذلك يعكس الوجه الحضاري للمجتمع الأمثل في حياة المسلمين؟! إنه لم يكن أحد ليعترض على ائتمان المسلمين لامرأة منهم على دستورهم وقانونهم الذي يعيشون به ويتنفسون من خلاله، شأن المرأة الأمينة في ذلك شأن كل الرجال الثقات والأمناء، لم يكن ثمة تفريق بينهم في ذلك الأمر، ولم يكن أحد ليحرك لسانه بالاعتراض على ذلك، إن المرأة وصلت في تعاليم الإسلام ومبادئه مرتبة تستطيع بها المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، إلى جانب الرجال، سواء بسواء. والحياة التي نعيشها اليوم قد ابتعدت ونأت كثيراً عن الحياة الإسلامية التي أمرنا بها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتاهت بنا السبل عن اتباع ما جاء بها الشرع الحنيف، فعادت المرأة اليوم - في كثير من الأمور - حبيسة العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، إن تحرير المرأة اليوم ليس مشروعاً نستلهم خطواته من الغرب الفاجر وعاداته السيئة، ولكنه مشروع ضخم نستمد أسسه وقواعده من صلب ديننا القويم، والذي وضع لنا الخطوط العريضة التي لا غبار عليها، ورسم لنا في قصص القرآن والسيرة النبوية أوضح المسالك، وأبرع الصور، وأقوى الأمثلة لنقتدي بها، وتقتدي بها أيضاً نساء الأمة، لتعود للمرأة من جديد كرامتها وعزتها، وتعود لها قيمتها الحقيقية في المجتمع، ولا ننسى أبداً الضوابط والحدود الشرعية التي جعلها الله تعالى لها حصناً واقياً، ولجاماً مانعاً، عن الشطط والانحراف والابتعاد، ونحن إذ نقرر هذا هنا، لندعو الأمة الإسلامية جمعاء، إلى إعادة النظر والتفكير ملياً في شأن المرأة، فإننا نجد في مجتمعاتنا اليوم نساء فاضلات، يملكن من المواهب القيادية الفكرية الشيء الكثير، وكل ما تحتاجه المرأة هو بعض من التشجيع والتأييد، لتقوم بدورها الفاعل، ومشاركتها البناءة.
| |
|