أخيرا و بعد طول انتظار اقترب الشهر من نهايته و استلمت راتبي . بعد دفع الجمعيات و الأقساط تبقى من الراتب 100 دينار، فرحت اقلب الحسبة حتى استطيع توزيع هذه الـ 100 دينار على متطلبات الشهر و بعد عديد من المحاولات الفاشلة استعنت بالله حتى يدبر لي وخصوصا أننا في شهر الرحمة و المغفرة، وبينما كنت ألملم نفسي حتى يتم وضع وجبة الإفطار المكونة من فتوش ومفتول جاء الآذان وبدأنا الإفطار فتناولنا ما يسره الله و رحت أحدق في زوجتي وبناتي و أفكر في ما بعد رمضان وبحسبة بسيطة سريعة أدركت أن لا حل فأشعلت سيجارة وأسندت ظهري إلى الحائط انظر إلى التلفاز، بعد برهة سمعت صيحات بهجة وفرح ونظرت إلى البرنامج فإذا بشخص يربح سيارة وقبلها 500 دينار وعدة أدوات كهربائية وغيرها.
كل هذا على التلفزيون الأردني وبرنامج المسابقات المعروف. لا أنكر أني اعرف هذا البرنامج لكني ابدآ لا أؤمن بان أي خير يأتي بسهولة لكن لشدة حاجتي هذا العام تابعت البرنامج ورحت اغبط هؤلاء الحاصلين على هذه الجوائز، وكانت إعلانات الترويج لهذا البرنامج وغيره بين الإعلانات التجارية ورقم الهاتف يبرز على الشاشة بالخط العريض مرارا و تكرارا، انتهى البرنامج وبدأت استعد لصلاة التراويح.
صلينا التراويح ولم اذكر منها سوى قوله تعالى "ويرزق من يشاء بغير حساب" وقمت عائداً إلى البيت جلست أتابع التلفاز حتى بعد منتصف الليل وإذا ببرنامج أخر للمسابقات وآلاف الدنانير والجوائز يربحها الناس للإجابة على سؤال تافه وبدون وعي أمسكت بهاتفي واتصلت بالرقم فأجابتني عاملة الهاتف عذرا لقد وصلت إلى الحد الأدنى الذي يمكنك من إجراء هذه المكالمة، أيقظت عائلتي للسحور وبعد الفجر وضعت راسي على الوسادة محاولاً النوم لكن صور الجوائز والنقود حجبت عني النوم وبدأت أفكر سعر الدقيقة 60 قرش يعني 10 محاولات 6 دنانير، سؤال بسيط على الأقل بربح 100 دينار "والله بسهلن الأوضاع بنشتري للأولاد شوية أواعي لو ربحنا اكتر بعمل وليمة لأخواتي".
في اليوم التالي وبعد التراويح وجدت نفسي أمام متجر الهواتف النقالة دخلت واشتريت بطاقتين مدفوعة مسبقا بقيمة 13 دينار، ذهبت إلى البيت وانتظرت برنامج منتصف الليل واتصلت فأجابني الرد الآلي أن اسمي قد دخل بنجاح على جهاز الحاسوب وأن اتصل بالبرنامج حتى اربح الجوائز و هكذا بدأت اتصل حتى نفذ الرصيد ولم يحالفني الحظ.
في اليوم التالي كنت أكثر فطنة حتى لا ينتهي الرصيد و أنا أتكلم فاشتريت بطاقة ب 26 دينار وقبل أن يبدأ البرنامج بدأت اتصل واتصل حتى نفذ الرصيد مرةً أخرى فبدأت أشعر بالخوف لكني كنت قد بدأت و ضاع نصف الراتب ولم أتمالك نفسي وفي اليوم التالي اشتريت بضعف المبلغ وتكررت ذات القصة ولا ادري من ألوم اهو الحظ السيئ أهي ضغوط المكالمات، ولم أجد بدا من إنفاق أخر ما معي في المحاولة الأخيرة التي أتلفت أعصابي والنتيجة ذاتها وهكذا سلبتني أحلامي أخر قرش معي وبدأت أفكر ممن سأستدين حتى أكمل مصروف الشهر فكل معارفي هم من شاكلتي عبيد أخر الشهر.
تملكني غضب شديد وحنق على نفسي و شعور بالذنب لأني أضعت قوت أولادي لكن كتمت خيبتي في صدري.