نشأته
عبد الرحمن بن معاوية هو حفيدهشام بن عبد الملك الذي حكم من سنة 105 هـ= 723 إلى سنة 125 هـ= 743. نشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي ب دمشق ، وكان الفاتح الكبير مسلمة بن عبد الملك عم أبيه يرى فيه أهلا للولاية والحكم وموضعًا للنجابة والذكاء، وسمع عبد الرحمن ذلك منه مشافهة، مما أثّر في نفسه أثرًا إيجابياً.
عندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية ، كان هدفهم تعقب الأمويين والقضاء على أفراد البيت الأموي، فقتلوا الأمراء وأبناء الأمراء بل وأحفادهم، وكل من توقعوا أن يكون أهلا للإمارة خشية محاوله أحدهم استرداد مجدهم لاسيما في الشام ، لهذا بذلوا الجهود المضنيه لتحقيق هذا الهدف.
نجح عبدالرحمن بن معاويه بن هشام الذي اختبأ في قريه منعزله قريبة من الفرات في سوريا ، وكان معه ابنه الطفل سليمان وكان عمره وقتها أربع سنوات ، وأخ أصغر مع أختين . وعندما اكتشفت الشرطة مكانهم هرب عبدالرحمن مع أخيه الوليد بن معاوية عبر بعض البساتين فلما تعقبتها الشرطة، حاولا عبور النهر فأغراهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان فرجع أخوه وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمرة ثلاث عشر سنة، بينما نجح عبدالرحمن بالوصول إلى الضفة الاخرى بسلام ولم تنطلِ عليه مكيدتهم ولحق به مولاه بدر طبقا لخطة سابقة.
الفرار
بعد ان فر عبد الرحمن بن معاوية من الشام وصل إلى القيروان وعمره تسع عشرة سنة ، وهناك وجد ثورة كبيرة للخوارج في الشمال الأفريقي كلّه وعلى رأسها عبد الرحمن بن حبيب، وكان قد استقلّ بالشمال الإفريقي عن الدولة العباسية، وكان هناالخوارج الخارجين عن الاسلام والدولة الأمويين والدولة العباسية من بعدها فقد كان عبد الرحمن بن حبيب يسعى هو الآخر للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية حين علم بأمره، فحين قدم عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج وكادوا أن يقتلوه ، فسافر إلى برقة ومكث فيها أربع سنوات حتى سنة 136 هـ= 754 وكان قد بلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة كوّن عبدالرحمن بن معاوية فيها الحلفاء والأنصار وانضم اليه الكثيرون.
أصبح لعبدالرحمن بن معاوية الكثير من الحلفاء ومحبي الأمويين وانضم اليه من الشام ومن الوجهاء والقادة ورجال الدولة من كل مكان، وكانت لفطنة وذكاء عبدالرحمن وخاصة أنه سليل الأسرة الأموية العريقة الفضل في هذا الحشد الكبير حوله، فكانت الأندلس بعد ذلك وجهته وإعادة الحكم للبيت الأموي والمجد للأمويين ، وكان الوضع في الأندلس ملتهب حيث انقسمت الأندلس إلى فرق عديدة متناحرة، وثورات لا نهائية، كلٌّ يريد التملك والتقسيم وفق عنصره وقبيلته، وكانت شهرة وقوة عبدالرحمن بن معاوية وبالتعاون مع مؤيديه واصراره وعزمه على استعادة مجد الامويين هي المفتاح لدخول عبدالرحمن إلى الأندلس.
دخوله الأندلس
بدأ عبد الرحمن بن معاوية يعدّ العدة لدخول الأندلس بعد ان كون جيشا قويا والتف حولة مؤيدوه ، فعمل على الآتي:
أولًا: أرسل بدر - أحد رجاله والقادم معه من دمشق - أرسله إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم فيهاوالوضع في الداخل الاندلسي.
ثانيًا: راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس.
ثالثًا:راسل عبد الرحمن بن معاوية البربر في الأندلس، وأعلمهم خطته ورحبوا بذلك لمعرفتهم بعدل الامويين وإنصافهم لهم، وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديدٍ جدًا مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرّق بينهم وبين العرب في شمال افريقيا، فهم يريدون أن يتخلّصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.
رابعًا: راسل كل الأمويين في كل الأماكن وأنه يعزم على دخول الأندلس وإقامة الدولة الأموية فالتحق به كافة الأمويين من الشام وغيرها من البلاد .
وفي ربيع الثاني سنة (138هـ ، 755) عبر عبدالرحمن بن معاوية بجيشه القوي ومن معه من القادة مضيق جبل طارق إلى داخل الاندلس بهيبة وعظمة الفاتحين المنتصرين وانضم إليه أنصاره وأخضع كافة البلاد في طريقه وزحف إلى إشبيلية واستولى عليها وبايعه اهلها، ثم نجح في دخول قرطبة العاصمة، بعد أن هزم جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري في موقعة المصارة في العاشر من ذي الحجة سنة 138هـ ليسيطر على كافة ارجاء الأندلس.