هبة الله الادارة
نقاط : 13559
| موضوع: قصة زواج زيد بن حارثة إلى زينب بنت جحش . الثلاثاء مارس 24, 2009 10:15 am | |
| الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قصص من القرآن الكريم
زواج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش (رضي الله عنها)
إنه زيد بن حارثة وقد وهبته أمنا خديجة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل منها هديتها . عاش زيد رضياً بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم , موفـّقاً في خدمته . وبعد حين حضر إلى مكة وفد من بني حارثة , يطلبون شراء إبنهم زيد وفديته لتحريره من رقه ... ففاض سخاء النبي العربي وقال لهم : إن إختاركم فخذوه من غير ثمن .. ولما جئ بزيد أنعم الله عليه , فإختار الرق مع النبي على الحرية بين قومه , وصار بعد ذلك يدعى زيد بن محمد تعظيماً له وتكريماً.
بلغ الفتى اشده وإستوى , فرغب سيده أن يزوجه كريمة من كرائم العرب , لتكون له في الحياة سنداً وظهيراً ... ويبالغ النبي في تكريم زيد , فيتقدم إلى زينب بنت جحش ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب , فيخطبها لمولاه , مكافأة له ودليلاً على رضاه ...
ولكن عبد الله بن جحش يأبى ويأنف أن يزوج ولده لزيد ... لأنه من غير الصرحاء (جمع صريح , الذي خلص مما يشوبه) وتشاركه أخته زينب إباءه وأنفته , ضناً بنسبها العربي الكريم . ولكن : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب : 36]) فلا يصح لرجل ولا إمرأة إختيار أمر من الأمور يخالف ما قضاه الله جل جلاله ,ثم بلّغه لنبيه .
ليرض عبد الله و لتخضع زينب لقضاء الله ورسوله , وليسعدا بزواج يخلّد الله شأه في كتابه الكريم .
عاش زيد وزينب معيشة زوجين هانئين بما وفقهما الله , وأرخى لهما حبال السعادة , ورفــّه لهما في العيش و مد اسباب الرخاء .
وبعد حين أراد الله أن تقع الواقعة , سنـّا لشرائع , وإيضاحاً لأمور الدين , وتبياناً للعالمين , وتصحيحاً لأوهام الناس . وهل يقدم على مخالفة مألوف العرب , وتحطيم اغلالهم , ونبذ خرافاتهم إلا رجل ملك الإيمان نفسه وملأ الحق قلبه , وخالطت الجرأة منه العصب والدم والمسامع والأطراف , وتغلغلت الشجاعة الخلقية فوصلت منه الى اللب والشغاف ؟ وهل يسمو بشر إلى تلك المنزلة سمو النبي الكريم ؟ صلى الله عليه وسلم . وبعد حين من الدهر وهت ( ضعفت ) الرابطة بين زيد وزوجته وفترت تلك العلاقة التي تجمع بينهما زوجين مؤتلفين .. فيتقدم زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكياً يستشيره في طلاق زينب ... فيتجلى عطف الرسول ونبله قائلاً : " يا زيد , هذه زينب يسّر الله لك زواجها بعد عسر , وسهله بعد إمتناع , وعسى أن يصلح حالها لك بعد , فأمسكها عليك , وإتق الله لئلا تصِمها (تعيبها ) بأنها لا تحسن عشرة الأزواج وثب وإلى رشدك , فلا تنقض أمراً ابرمته ولم يتم إلا بعد أن نزل فيه قرآن من المدبر الحكيم " يقول الرسول العظيم قوله هذا ونفسه تفيض حناناً وإشفاقاً وعطفاً لما كان سبق في علم الله , من أن زيداً يطلق زينب ثم تتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده .
وإستمر الرسول صلى الله عليه وسلم متضرعاً بينه وبين نفسه إلى الله , مبتهلاً إلى رحمته , عسى أن يمحو الله ما أثبت , فيصلح الحال , بين المرء وزوجه . وينقض أمراً سبق ان ابرمه استكمالاً لأسباب التشريع .
فاضت نفس الرسول صلى الله عليه وسل بالنصح لزيد , وبالضراعة إلى الله , املا ً أن ينقض الله ما ابرم , و أن يمحو ما اثبت ولكن ابى الله إلا أن يتم قضاؤه , فأوحى الله إلى رسوله : ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا [الأحزاب : 37] ) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخفى قضاء الله , عسى أن تنفع فيه شفاعته , ويخشى الناس أن يضلوا بسبب اعتراضهم على امر لم يألفوه , وتشريع ما تعودوه , ولكن من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل الله فما له من هاد . والله احق بالخشية والرعاية من سواه . لأن مألوف الناس وعاداتهم ليست اصلاً لتشريع . ولا اساساً لقانون , والنبي صلى الله عليه وسلم أولى من يهدم العقائد الفاسدة , ويقوّض الخرافات السائدة فيقيم بعدها صرحاً من الحق , ومناراً للشريعة السمحة .
إنقضت عدة زينب بعد طلاقها من زيد ثم هيأ الله زواجها من النبي الكريم وكانت زينب فخوراً تتيه دلالاً وتمتلى عجباً , فتقول لسائر نساء النبي إن الله تولى تزويجي أما انتن فتولى تزويجكن اولياؤكن . وكان هذه الحادثة خرقاً غير مألوف ... غير وجهة احوالهم ومعتقداتهم فقد إدعوا للدعي ما للإبن من الحقوق ... من إرث ونسب وتسلط ذلك الإعتقاد على انفسهم ... ورسخ في أذهانهم وعسر عليهم أن يخلعوا عنهم ربقته أو ان يزيلوا عن افكارهم وطأته وطأته . فتقدم النبي الكريم بآية واضحة و حدة قاطعة فقام بما قام مع قيام هذه العادة وتمكنها من الناس ومن اولى بذلك رسول الشريعة الحنفية , وهو الذي نادى بحرمة ربا الجاهلية وأول رباً وضعه ربا عمه العباس , حتى يرى الناس صنيعه بأقرب الناس إليه وتنقطع وساوس الشيطان من صدورهم ...
كانت قصة زيد وزينب مثاراً لأقوال وشبهات جرفت كثيراً من الناس ممن زاغ بهم الباطل وران على قلوبهم حلك الضلال فنسبوا إلى النبي أنه إشتهى صلى الله عليه وسلم زينب بعد زواجها من زيد وما كان محمد ليمكن لميوله ... ويمهد لهواه بما يخالف أمر ربه , تسامى قدرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم . اما كانت زينب امامه بكراً تحت سمعه وبصره وهو بالأربعين زمن إكمتال الفتوة والشباب ؟ افبعد ثلاث عشرة سنة وبعد أن زالت نضرة البكارة عنها وهدأت فيه ثورة الشباب ينظره إليها نظر المشتهي ( حاشى ) ؟؟؟ ألم يكن له من شواغل الدين والفتح شاغل عن أمور النساء ... وهو إبن سادة الكرام الموصوفين : قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهار
هو النبي الكريم الذي نهاه ربه أن يمد عينيه إلى ما متع الله به النسا من زهرة الحياة الدنيا ولو عدنا إلى الفطرة الأولى للرجل العربي الذي لم تعصمه النبوة , ولم تزينه رجاحة العقل وسمو المعرفة وصدق العزيمة ... فنراه يغض الطرف عن جارته ... فهذا عنترة الجاهلي يقول .. وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يوارى جارتي مأواها بل هو الذي يقول الله فيه : وإنك لعلى خلق عظيم [القلم : 4]
| |
|