هبة الله الادارة
نقاط : 13559
| موضوع: لماذا سميت سورة الكافرون بهذا الاسم الجمعة مارس 27, 2009 2:18 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ O لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ O وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ O وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ O وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ O لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ O }
إن هذه السورة المباركة المعروفة بسورة الجحد هي من قصار السور وكاكثرها فهي مكية ... لماذا سميت هذه السورة بسورة الكافرون ؟!!
لأنها خطاب لعدة سماهم القرآن الكريم بالكافرون، وسميت بالجحد لأن حقيقة الكفر هو الإنكار والعناد ... وحتى تتضح معاني هذه السورة لابد لنا من بيان إنه منذ بدء الإسلام ومن حين شروع الدعوة من العائلة وقبل القوم حيث أسلمت السيدة خديجة عليها السلام من النساء وعلي عليه السلام ... إبتدأ الناس بالانضمام إلى الإسلام.
علما إنه إلى مدة لم يؤمر الرسول صلوات الله عليه اله بإعلان الدعوة، وإنما ابتدأ من عشيرته بني هاشم ومنهم ابو لهب ... ثم بعد ذلك كان ابتداء الدعوة العلنية { فاصدع بما تؤمر }.
في أول الامر لم يهتم مشركو قريش كثيرا ... لكن لما رأوا انضمام الناس وحرارتهم واندفاع من آمن منهم بحيث لم يمكنهم رده، احسوا حينها بالخطر ... لقد كان وضعا عجيبا !! لم يعرفوا ماذا يفعلون ... فشرعوا قبل الهجرة بطرق، وكان منها التطميع حيث ذهبوا إلى ابي طالب - وهو سيد بني هاشم وكفيل الرسول صلوات الله عليه واله - وطلبوا منه ان يكف الرسول صلوات الله عليه وآله دعوته وليطلب ما شاء : نجعله سيدا على قريش .. ونعطيه من النساء من يطلب ...
لكن كان الجواب المعروف : " والله لو وضعوا الشمس عن يميني والقمر عن شمالي ما تركت هذا الامر " ... وكان جواب ابي طالب : " وانا الحامي لك ! " ...
ثم كان اقتراح قريش المصالحة على أساس : لا ربك لوحده ولا اربابنا لوحدهم ! ... أي نقسم الأمور بحيث لا يحصل اختلاف. سنة تعبد أنت وأتباعك أربابنا حتى لا تحصل تفرقة في جماعة قريش، وما بعدها كلنا نعبد ربك سنة أخرى فترتفع التفرقة ... فنزلت هذه الآيات وقرأها صلوات الله عليه واله على أسماعهم : أيها النبي { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } إن نفس هذه التسمية [ الكافر ] أي منكر الحقيقة، أي يا اعداء الحقيقة إن اقتراحكم مردود من قبل الله : { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ o وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد } ... فلن تكونوا عابدين لما أعبد.
لم يكن هذا إقتراح الرسول صلوات الله عليه واله ولكن هم اقترحوا ذلك. إن هكذا عبادة ليست بعبادة. إن عبادة الله لا تقبل شريكا، ولا فرق بين ان تجعلوا هذه العبادة نصفا لله ونصفا للاصنام وان تكون كلها للاصنام. { وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } وأنا لن اكون عابدا لما تعبدون أبدا، إن الجملة الأولى فعلية ...
أما الثانية فهي اسمية وخبرها ماض ... { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } أي لن تكونوا عابدين لما اعبد أبدا ... إن ظاهر الأمر إن الجملة مكررة، لكن هل هي كذلك واقعا ؟ ... البعض يقول التكرار لصرف التأكيد ... والقران استعمل أسلوب التأكيد بالتكرار حيث يكرر الجملة ليثبتها أكثر مما لو قيلت مرة واحدة ... كما في سورة القمر : { ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر }، وفي المرسلات : { ويل يومئذ للمكذبين }، وفي الرحمن : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } ...
وهنا منهم من قال التكرار للتأكيد، لكن آخرون قالوا إن هذا ليس تكرارا محضا بل ثمة فرق بين الأولى والثانية، كما إن هناك تغيير في بعض الألفاظ ... { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } أي هكذا عبادة ليست بعبادة ... { وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } أي اين أنا من عبادة الأصنام، واين التوحيد من الشرك !
{ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } أما في الجملة الرابعة فهو يقول : أعرفكم لا تؤمنوا بالله الواحد الى آخر عمركم ... { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } ... أي اقتراحكم لا يكون، فكل منا في طرف مقابل الآخر ... فلا صلح ولا سلام بيننا ...
لكن البعض استفاد معنى آخر ضد ما بينا وهو : إن الإسلام أعلن الصلح والسلام مع كل الأديان حتى لو كانت شركا ... لا شغل لنا بدينكم ... والدين لا يكون منشأ للاختلاف والحرب !!! وهذا المطلب غير صحيح فلو كان هذا المعنى صحيح لما خاطبهم القرآن بهذا اللحن الشديد : { قل يا أيها الكافرون } ... في الإسلام بينا عدة مرات إن الشرك الواقعي وعبادة غير الله تعالى ليس أمرا قابلا للتحمل بأي وجه ...
فلا مسالمة ولا عيش مسالم مع المشركين، ولا يتحمل العيش مع مشرك بأن يحميه في مجتمعه ... نعم اتباع الأديان السماوية التي منشأها سماوي حتى لو خالطها شيء من الخرافة فإنه يمكن ان يعايشهم الإسلام ويحميهم ... فالمسلم حاضر ان يكونوا - اتباع الأديان السماوية - في ظل حماية الدولة الإسلامية ويشاركهم الحقوق الاجتماعية ويدافع عنهم ... عن اليهود والنصارى والمجوس لكن المشرك ليس كذلك ... لا صلح ولا صفاء مع المشركين ... والخطاب لرؤساء المشركين الذين قتلوا في بدر واحد.
والحمد لله رب العالمين
| |
|