كسوة الكعبة شرف عبر العصور
محمود إسماعيل شل**
الكسوة الشريفة من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، ويرتبط تاريخ الكسوة بتاريخ الكعبة نفسها؛ لذلك اهتم المسلمون بكسوة الكعبة المشرفة، وصناعتها، والإبداع فيها، وتسابقوا لهذا الشرف العظيم حتى جعلوا يوم تبديلها من كل عام احتفالاً مهيباً لا نظير له؛ فما قصة هذه الكسوة المشرفة التي برع في صناعتها أكبر فناني العالم الإسلامي؟
كسوة الكعبة قبل الإسلام
تذهب بعض المصادر التاريخية إلى أن سيدنا إسماعيل -عليه السلام- هو أول من كسا الكعبة، والبعض الآخر يذهب إلى أن عدنان جد النبي-صلى الله عليه وسلم- الأعلى هو أول مَن كساها، غير أن الثابت تاريخيًّا أن أول مَن كساها هو "تبع أبي كرب أسعد" ملك حمير سنة 220 قبل الهجرة بعد عودته لغزوة يثرب.
روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن سب تُبَّع ملك حمير بقوله: "لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم"، رواه أحمد في مسنده عن سهل بن سعد وكان تُبّع هو أول مَن كسا الكعبة كسوة كاملة – كساها "الخصف"، تدرج في كسوتها حتى كساها "المعافير" وهي كسوة يمنية، كما كساها "الملاء" وهي كسوة لينة رقيقة، وعمل لها بابًا ومفتاحًا، ثم تبعه خلفاؤه من بعده فكانوا يكسونها
"الوصايل"، وهي أثواب حمر مخططة، و"العصب" وهي أثواب يمنية يعصب غزلها؛ أي: يجمع ويشد.
وأخذ الأمراء في تقديم الهدايا إليها من الأكسية المختلفة، وكلما جاءت كسوة طرحت سابقتها إلى أن جاء عهد "قصي بن كلاب"؛ ففرض على القبائل رفادة كسوتها سنويًّا، وما زالت قريش تقوم بكسوة الكعبة حتى زمن "أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي" وكان من الأثرياء، فقال لقريش: أنا أكسو الكعبة وحدي عامًا وجميع قريش عامًا، فوافقت قريش، وسمي بذلك "العدل"؛ لأنه عدل بفعله قريشًا كلها.
أما أول امرأة كست الكعبة في الجاهلية فهي "نبيلة بنت حباب" أم العباس بن عبد المطلب، وكانت قد نذرت ذلك.
من المعلوم أن الكعبة قبل الإسلام كانت تُكسى في يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى في يوم النحر، وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة.