منقول للافادة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باب المواقيت
1- مواقيت الحج الزمانية والمكانية
س: نسأل فضيلتكم عن معنى قول الله سبحانه : "الحج أشهر معلومات " الآية جزاكم الله خيراً
ج: يقول الله سبحانه : "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب " . ومعنى الآية : أن الحج يُهل به في اشهر معلومات وهي : شوال وذو القعدة والعشر الأولى من ذي الحجة هذه هي الأشهر . هذا هو المراد بالآية وسماها الله أشهراً ؛ لأن قاعدة العرب إذا ضموا بعض الثالث إلى الاثنين ، أطلقوا عليها اسم الجمع .
وقوله سبحانه : "فمن فرض فيهن الحج" يعني : أوجب الحج فيهن على نفسه بالإحرام بالحج فإنه يحرم عليه الرفث والفسوق والجدال . والرفث هو : الجماع ودواعيه ، فليس له أن يجامع زوجته بعد ما أحرم ، ولا يتكلم ولا يفعل ما يدعوه إلى الجماع ولا يأتي الفسوق وهي : المعاصي كلها من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم وأكل الربا وأكل مال اليتيم والغيبة والنميمة وغير ذلك من المعاصي . والجدال معناه : المخاصمة والمماراة بغير حق فلا يجوز للمحرم بالحج أو بالعمرة أو بهما أن يجادل بغير حق ، وهكذا في الحق لا ينبغي أن يجادل فيه بل يبينه بالحكمة والكلام الطيب ، فإذا طال الجدال ترك ذلك ولكن لابد من بيان الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن وهذا النوع غير منهي عنه بل مأمور به في قوله سبحانه : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن "
2- حكم من جاوز الميقات دون إحرام
س: ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر ؟
ج: من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، قال عليه الصلاة والسلام : "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن، ويهل أهل اليمن من يلملم " هكذا جاء في الحديث الصحيح ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : "وقت النبي لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة " فإذا كان قصده الحج أو العمرة فإنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرن المنازل ، ويسمى السيل الآن ، ويسميه بعض الناس وادي محرم فيحرم من ذلك بحجة أو عمرة أو بهما جميعاً ، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته ، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط ، هذا هو المشروع ، أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجاً ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام ، هذا هو الراجح من أصح قولي العلماء والأفضل أن يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة .
س: ما حكم تجاوز الميقات في الحج والعمرة ؟
ج: لا يجوز للمسلم إذا أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات الذي يمر به إلا بإحرام ، فإن تجاوزه بدون إحرام لزمه الرجوع إليه والإحرام منه ، فإن ترك ذلك وأحرم من مكان دونه أو أقرب منه إلى مكة فعليه دم عند كثير من أهل العلم يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء ؛ لكونه ترك واجباً وهو الإحرام من الميقات الشرعي ، أما إن كان حين مروره بالميقات لم يرد حجاً أو عمرة وإنما أراد حاجة أخرى بمكة كزيارة لبعض أقاربه أو أصدقائه أو تجارة أو نحو ذلك فمثل هذا لا شيء عليه ؛ لكونه ما أراد حجاً ولا عمرة لكن لا يجوز له ذلك إذا كان لم يعتمر عمرة الإسلام فيما مضى من الزمان ، ومتى أراد هذا الذي تجاوز الميقات بدون إحرام لكونه لم يرد الحج أو العمرة متى أراد الحج أو العمرة في الطريق قبل أن يصل الحرم وجب عليه أن يحرم من المكان الذي تجددت فيه النية ، والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة" . فدل هذا الحديث على جميع ما ذكرناه آنفاً لمن تأمله ،أما إن كان الذي لم يرد حجاً ولا عمرة لم تتجدد له نية الحج أو العمرة إلا بعد ما وصل إلى الحرم فهذا فيه تفصيل : فإن كان أراد الحج فلا بأس أن يحرم به من الحرم أو الحل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : "ومن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة" . وأما إن أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل كالتنعيم والجعرانة أو غيرهما فيحرم من ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة وهي بمكة أن تخرج إلى التنعيم فتهل بعمرة منه . وأمر أخاها عبد الرحمن أن يصحبها في ذلك . والله ولي التوفيق .
3- حكم من تجاوز الميقات أكثر من مرة دون إحرام
س: الأخ إ. ع ج. من الرياض بالمملكة العربية السعودية يقول في سؤاله : شخص عليه دم لإحرامه من جدة بعد أن جاوز الميقات وقد وقع في هذا الخطأ عدة مرات ، ماذا يفعل ؟ هل يذبح ذبيحة واحدة وتكفي أم الجواب خلاف ذلك ؟ أرجو من سماحتكم الإفادة جزاكم الله خيراً ؟
ج: عليه عن كل مرة ذبيحة تذبح في مكة للفقراء إذا كان قد جاوز الميقات وهو ناو الحج أو العمرة ثم أحرم من جدة ، ويجزئ عن ذلك سبع بدنة أو سبع بقرة مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك ؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يجاوز الميقات وهو ناوٍ للحج أو العمرة إلا بإحرام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت : "هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرأهلهن ممن أراد الحج والعمرة "، ولقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً " وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
4- من قصد مكة لتجارة أو زيارة لأقاربه فليس عليه إحرام
س: ما حكم من قدم إلى مكة ولم يحرم للعمرة ولم يطف ولم يسع ؟
ج: إذا كان الذي قصد مكة لم يقصد حجاً ولا عمرة وإنما أراد التجارة أو الزيارة لبعض أقاربه أو نحو ذلك فليس عليه إحرام ولا طواف ولا سعي ولا وداع ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم – لما وقت المواقيت لأهل المدينة والشام ونجد واليمن - : "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة " الحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فدل ذلك على أن من لم يرد الحج والعمرة فليس عليه شيء ولكن إذا تيسر له الإحرام للعمرة فهو أفضل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " وهذا في حق من قد أدى عمرة الإسلام . أما من لم يؤدها فالواجب عليه البدار بها إذا قدر على ذلك كالحج . والله الموفق