حركة الدواب
وتتعدد الأمثال في كتاب الله الكريم، فمثلاً نرى الدواب كآية من آيات الله، فالله خلق كل دابة من ماء فمن الدواب من يمشي على بطنه ولعل في ما نرى من ثعابين وزواحف مثالاً لذلك ثم بعد ذلك منهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع، ويخلق الله ما يشاء ويرينا من عجائب صنعه ما يشاء.
إن دراسة ميكانيكية حركة تلك الدواب علم كبير، فكيفية تناسق العضلات وتتابع انقباضها وانبساطها في تناسق تام لتحريك الجسم في كل اتجاه موضوع بالغ التعقيد ويحتاج فهمه إلى دراسة طويلة الأمد فلكل عضلة وظيفتها ويتلاءم تركيبها ونشاطها الحيوي مع ما تقوم به من حركة، فتختلف العضلات المحركة للمفاصل عن عضلات البطن والصدر مثلاً، وهذه تختلف عن عضلات العنق والظهر وغير ذلك. وترتبط تلك العضلات والمفاصل والأنسجة المتعلقة بها بشبكة دقيقة معقدة من الأعصاب المختلفة، وتستطيع الدابة أن تحرك عضلاتها بسرعات مختلفة لزيادة سرعة حركة الجسم أو إبطائها أو إيقافها تماماً حسب الحاجة ولا شك أن العاملين في مجال الطب الرياضي وطب المفاصل والعظام قد استفادوا كثيراً من تلك الدراسات التي أشار إليها كتاب الله الكريم.
ويبين لنا القرآن الكريم كم في الدواب من آيات كمثال لما سخره الله سبحانه وتعالى لنا، فهناك اللبن السائغ الشراب وكيف يخرج من بين الفرث النجس والدم ولحوم الأنعام وجلودها وأشعارها ثم تسخيرها للركوب من دون اعتراض منها أو امتعاض وكأن ذلك إحدى وظائفها في الحياة.
أسرار الطيور
ويأخذنا كتاب الله الكريم إلى جو السماء لنرى الطير محلقة هناك، تتحدى الجاذبية وتنطلق بسرعات متفاوتة، ومنها ما يقف في الهواء باسطاً جناحيه أو محركاً لهما، من دون أن يتحرك من مكانه، آية أخرى ومثلاً بيناً لقدرة الله تعالى في خلقه.
ينطلق الطائر إلى السماء مرتفعاً عن الأرض، قفزة واحدة تدفعه إلى ارتفاعات عالية ليطير بسرعات قد تزيد على المائة كيلومتر في الساعة كما يفعل الصقر المطارد لفريسته، فما هو نوع المحرك أو الوقود المستخدم لذلك؟ وتحرك الطيور أجنحتها بسرعات مختلفة تصل عند بعضها إلى عشرات المرات في الثانية الواحدة أي آلاف المرات في الدقيقة الواحدة فأي عضلات هذه التي تؤدي تلك الحركة وأي مفاصل هذه التي تتحملها دون أن تفسد أو تتصلب بمرور الزمن؟!
يقول تعالى في سورة الملك: “أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير” (19) فهل فكر أحدنا حين يرى الطائر واقفاً أو طائراً في جو السماء، أو هكذا ساكناً معلقاً لا يحفظه في هذا الوضع إلا الله سبحانه وتعالى، فلا توقعه جاذبية الأرض ولا تدفعه الرياح إلى أي اتجاه، فتخيل لو أن هذا الطائر فقد الحياة فجأة وهو في ذلك الوضع، فهل يظل في الهواء؟ حتماً سيسقط إلى الأرض كأي حجر تلقيه إلى الأعلى فيرتد ثانية، إن الحياة التي تمكن الطائر من البقاء هكذا عالياً في جو السماء ينظر إلى الأرض ويراقب ما عليها ليرى ما يمكن أن يكون غذاء له أو أنه يبقى هكذا ليرتاح من عناء الطيران، هذه الحياة سر من أسرار الخالق عز وجل اختص به سبحانه وأراد لنا أن نعلم ما يشاء من أسرار الطيور وطيرانها مما كان له أثر كبير في اكتشاف الطائرات وتيارات الهواء والرياح واتجاهاتها وإمكانية استخدام ذلك في ما فيه مصلحة البشر.
وينتقل بنا كتاب الله عز وجل إلى عالم الماء وما فيه من حيتان وأسماك ولؤلؤ ومرجان وما عليه من سفن كالأعلام، ثم يضرب لنا الأمثال بالجمادات والصخور والجبال وغيرها، ولذلك إن شاء الله حديث آخر.